لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

قوله جل ذكره : { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } .

خَلَقَ لكم من أنفسكم " أزواجاً " : أي أَشكالاَ ؛ فَخَلَقَ حواءَ مِنْ آدم . وخَلَقَ- بسبب بقاء التناسل- جميعَ الحيواناتِ أجناساً .

{ يَذْرَؤُكُمْ } : يُكْثِر خَلْقكم . " فيه " الهاء تعود إلى البطن أي في البطن ، وقيل : في الرَّحِم ، وقيل : في التزويج .

{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } لأنه فاطر السموات والأرض ، ولأنه لا مِثْلَ يُضَارِعهُ ، ولا شكلَ يشاكله . والكاف في ليس " كمثله " صلة أي ليس مثله شيء . ويقال : لفظ " مثل " صلة ؛ ومعناه ليس كهو شيء . ويقال معناه ليس له مثل ؛ إذ لو كان له مثل لكان كمثله شيء وهو هو ، فلمَّا قال : { لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ } فمعناه ليس له مثل ، والحقُّ لا شبيهَ له في ذاته ولا في صفاته ولا في أحكامه .

وقد وقع قومٌ في تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحدِّ والنهاية والكون في المكان ، وأقبحُ قولاً منهم مَنْ وصفوه بالجوارح والآلات ؛ فظنوا أن بَصَره في حدقة ، وسَمْعَه في عضوٍ ، وقدرته في يدٍ . . . إلى غير ذلك .

وقومٌ قاسوا حُكْمَه على حُكْمِ عباده ؛ فقالوا : ما يكون من الخَلْقِ قبيحاً فمنه قبيح ، وما يكون من الخَلْق حسناً فمنه حَسَنٌ ! ! وهؤلاء كلهم أصحاب التشبيه - والحقُّ مستحِقٌّ للتنزيه دون التشبيه ، مستحق للتوحيد دون التحديد ، مستحق للتحصيل دون التعطيل والتمثيل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

فاطر السموات والأرض : خالقهما ومبدعهما .

من أنفسكم أزواجا : من جنسكم ، وعبّر بأنفسكم لأن أقرب شيء إلى الإنسان زوجته . ومن الأنعام أزواجا : ذكراً وأنثى .

يذرؤكم فيه : يكثركم بهذا التدبير المحكم ، ذرأ الله الخلق : بثّهم وكثّرهم .

الله ربي وربكم خالقُ السموات والأرض على أحسن مثال .

{ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأنعام أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ }

خلق لكم من جنسكم زوجاتٍ لتسكنوا إليها . . . . وعبّر بقوله « من أنفسكم » لأن أقربَ إنسان للمرء هي زوجته ، فكأنها منه ومن نفسه . وخلق لكم من الأنعام أزواجا ذكورا وإناثا .

{ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ }

لتتناسلوا وتكثروا بهذا التدبير المحكم .

ثم بين بعد ذلك أنه مخالفٌ لكل الحوادث لا يشبهه شيء { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ، { وَهُوَ السميع البصير } ، السميع لما يجري وينطِق به الخلقُ ، والبصيرُ بأعمالهم ،