لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

قوله جل ذكره : { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } .

أي أننا لا نفعل ذلك ؛ ( فيكون معنى الاستفهام ) أفنقطع عنكم خطابَنا وتعريفَنا إنْ أسرفتم في خلافكم ؟ لا . . إننا لا نرفع التكليفَ بِأَنْ خالَفْتُم ، ولا نهجركم - بِقَطْع الكلام عنكم- إنْ أسرفتم .

وفي هذا إشارةٌ لطيفةٌ وهو أنه لا يقطع الكلامَ - اليومَ - عَمَّنْ تمَادَى في عصيانه ، وأسرف في أكثر شأنه . فأحرى أَنَّ مَنْ لم يُقَصِّرْ في إيمانه - وإنْ تَلَطَّخَ بعصيانه ، ولم يَدْخُلْ خَلَلٌ في عِرفانه - ألا يَمْنَعَ عنه لطائفَ غفرانه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا ، لا يرسل إليهم رسولا ، ولا ينزل عليهم كتابا ، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال :

{ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } أي : أفنعرض عنكم ، ونترك إنزال الذكر إليكم ، ونضرب عنكم صفحا ، لأجل إعراضكم ، وعدم انقيادكم له ؟ بل ننزل عليكم الكتاب ، ونوضح لكم فيه كل شيء ، فإن آمنتم به واهتديتم ، فهو من توفيقكم ، وإلا قامت عليكم الحجة ، وكنتم على بينة من أمركم .