لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (155)

ابتلاهم بالنعمة لِيُظْهِرَ شكرهم ، وابتلاهم بالمحنة ليظهر صبرهم ، فلما أدخل المعلوم من حالهم في الوجود ، ورسمهم بالرقم الذي قَسَمَه ، وأثبتهم على الوصف الذي علمه ، ( ابتلاهم ) بالخوف وفيه تصفية لصدورهم ، وبالجوع وفيه تنقية لأبدانهم ، وبنقص من الأموال تزكو به نفوسهم ، وبمصائب النفوس يعظم بها عند الله أجرهم ، وبآفة الثمرات يتضاعف من الله خلفهم .

{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } يعني الذين لا اعتراض لهم على تقديره فيما أمضاه .

ويقال طالبهم بالخوف ( ابتعاداً ) عن عقوبته ثم بمقاساة الجوع ابتغاء قربته وكرامته ، ونقصٍ من الأموال بتصَدُّقِ الأموال والخروج عنها طلباً للخير منه بحصول معرفته .

" والأنفس " تسليماً لها إلى عبادته " والثمرات " القول بترك ما يأملونه من الزوائد في نعمته { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } على استحسان قضيته ، والانقياد لجريان قدرته .

ومطالبات الغيب إما أن تكون بالمال أو بالنفس أو بالأقارب ؛ فمن أوقف المال لله فله النجاة ، ومن بذل لحكمه النَّفْسَ فله الدرجات ، ومن صبر عند مصائب الأقارب فله الخلف والقُرُبات ، ومن لم يدخر عنه الروح فله دوام المواصلات .