لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ} (52)

يعني إن الذين سقمت ضمائرهم ، وضعفت في التحقيق بصائرهم تسبق إلى قلوبهم مداراة الأعداء خوفاً من معاداتهم ، و طمعاً في المأمول من صحبتهم ، ولو استيقنوا أنهم في أسر العجز وذل الإعراض ونفي الطرد لأَملَّوا الموعود من كفاية الحق ، و المعهود من جميل رعايته ، ولكنهم حُجِبُوا عن محل التوحيد ؛ فتفرَّقوا في أودية الحسبان والظنون ، وعن قريبٍ يأتيكم الفَرَجُ - أيها المؤمنون ، وتُرْزَقُون الفتحَ بحسن الإقبال ، والظفر بالمسؤول لسابق الاختيار ، فيشعرون الندم ، ويقاسون الألم ، وأنتم ( تعلون ) رؤوسكم بعد الإطراق ، وتصفوا لكم مَشارِب الإكرام ، وتضيء بزواهر القرب مَشَارِقُ القلوب . حينئذٍ يقول الذين آمنوا هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم يعاينون بأبصارهم ما تحققوه بالغيب في أسرارهم ، ويَصِلُون من موعودهم إلى ما يوفي ويربو على مقصودهم .