الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ} (52)

قوله سبحانه : { فَتَرَى الذين }[ المائدة :52 ] .

المعنى : فترى يا محمد ، { الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } ، إشارةً إلى عبد اللَّه بْنِ أُبَيٍّ ، ومَنْ تبعه من المنافقين على مذهبه ، في حماية بني قَيْنُقَاعٍ .

وقوله تعالى : { يَقُولُونَ نخشى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } لفظٌ محفوظٌ عن عبد اللَّه بْنِ أُبَيٍّ ، ومن تبعه من المنافقين ، و( دَائِرَةٌ ) : معناه نَازِلَةٌ من الزمان ، وإنما كان ابن أبيٍّ يظهر أنه يستَبْقِيهم لِنُصْرة النبيِّ عليه السلام ، وأنه الرأْيُ ، وكان يبطنُ خلافَ ذلك .

وقوله سبحانه : { فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح } ، وهو ظهورُ نبيه عليه السلام ، وعلوُّ كلمته ، وتمكينُهُ مِنْ بني قَيْنُقَاعٍ ، وقريظَةَ والنَّضِيرِ ، وفَتْحُ مكَّة ، { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } يُهْلِكُ بِهِ أعداءَ الشرع ، وهو أيضاً فتْحٌ لا يقع فيه للبَشَر سبَبٌ ، وقرأ ابن الزُّبَيْر : «فَيُصْبِحَ الفُسَّاقُ { على مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } » .