في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

75

( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ؟ أفلا تعقلون ؟ ) . .

أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ، وهم يضيفون إلى خراب الذمة ، وكتمان الحق ، وتحريف الكلم عن مواضعه . . الرياء والنفاق والخداع والمراوغة ؟

وقد كان بعضهم إذا لقوا المؤمنين قالوا : آمنا . . أي آمنا بأن محمدا مرسل ، بحكم ما عندهم في التوراة من البشارة به ، وبحكم أنهم كانوا ينتظرون بعثته ، ويطلبون أن ينصرهم الله به على من عداهم . وهو معنى قوله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) . . ولكن : ( إذا خلا بعضهم إلى بعض ) . . عاتبوهم على ما أفضوا للمسلمين من صحة رسالة محمد [ ص ] ومن معرفتهم بحقيقة بعثته من كتابهم ، فقال بعضهم لبعض : ( أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ) . . فتكون لهم الحجة عليكم ؟ . . وهنا تدركهم طبيعتهم المحجبة عن معرفة صفة الله وحقيقة علمه ؛ فيتصورون أن الله لا يأخذ عليهم الحجة إلا أن يقولوها بأفواههم للمسلمين ! أما إذا كتموا وسكتوا فلن تكون لله عليهم حجة ! . . وأعجب العجب أن يقول بعضهم لبعض في هذا : ( أفلا تعقلون ؟ ) . . فيا للسخرية من العقل والتعقل الذي يتحدثون عنه مثل هذا الحديث ! !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

{ وإذا لقوا الذين آمنوا } يعني منافقيهم . { قالوا آمنا } بأنكم على الحق ، وإن رسولكم هو المبشر به في التوراة { وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا } أي الذين لم ينافقوا منهم عاتبين على من نافق . { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } بما بين لكم في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، أو الذين نافقوا لأعقابهم إظهارا للتصلب في اليهودية ، ومنعا لهم عن إبداء ما وجدوا في كتابهم ، فينافقون الفريقين . فالاستفهام على الأول تقريع وعلى الثاني إنكار ونهي { ليحاجوكم به عند ربكم } ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه ، جعلوا محاجتهم بكتاب الله وحكمه محاجة عنده كما يقال عند الله كذا ، ويراد به أنه جاء في كتابه وحكمه ، وقيل عند ذكر ربكم ، أو بين يدي رسول ربكم ، وقيل عند ربكم في القيامة وفيه نظر إذ الإخفاء لا يدفعه . { أفلا تعقلون } إما من تمام كلام اللائمين وتقديره أفلا تعقلون أنهم يحاجونكم به فيحجونكم ، أو خطاب من الله تعالى للمؤمنين متصل بقوله : { أفتطعمون } والمعنى : أفلا تعقلون حالهم وأن لا مطمع لكم في إيمانهم .