تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

الآية 76 وقوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا }قد ذكرنا في ما تقدم{[1018]} أنها في المنافقين نزلت .

وقوله : { وإذا خلا بعضهم إلى بعض } يحتمل وجهين : يحتمل : خلا بعض المنافقين إلى بعض ( قالوا أتحدثونهم ) بكذا ؟ ويحتمل [ خلا المنافقون ]{[1019]} إلى اليهود .

وقوله : { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } قيل : { فتح الله } قص الله ، وقيل : { فتح الله } قضى الله ، وقيل [ { فتح الله } ]{[1020]} من الله عليكم في التوراة ، وكله يرجع إلى واحد .

وقوله : { ليحاجوكم به } أي باعترافكم عند هؤلاء ، ويحتمل على إضمار رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال : ليحاجوكم بإقراركم عند رسول الله ، ويحتمل على معنى يحاجوكم به عند ربكم أي في ربكم /13-ب/ إذ العرب تستعمل حروف الخفض بعضها في موضع بعض ، ويحتمل { عند ربكم } أي يوم القيامة ، ويكون ليحاجوكم بما عند الله أي بالذي جاءكم من عند الله .

لكن لقائل أن يقول : ما معنى ذكر المحاجة عند ربكم ؟ والمحاجة لا تكون إلا عنده ، ولا يكون { ليحاجوكم به } إلا عند الله ، أي بالذي جاءكم من عند الله . قيل : لأن ذلك أشد إظهارا وأقل كتمانا لما سبق منهم الإقرار بذلك ؛ لذلك نهوا عن ذلك لأنهم كانوا ينهون أولئك عن الإقرار بالإيمان عند المؤمنين وإظهار ما في التوراة من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته .

وقوله : { أفلا تعقلون } أن هذه حجة لهم عليكم حين تعترفون به ، وتظهرون بعثه{[1021]} وصفته ، ثم لا تبايعونه{[1022]} ، ويحتمل { أفلا تعقلون } أنه حق .


[1018]:- في تفسير الآية 14.
[1019]:- في ط م: خلاء المنافقين.
[1020]:- من ط ع.
[1021]:- في النسخ الثلاث: نعته.
[1022]:- من ط م، في الأصل و ط ع: تبايعوه.