فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

{ وَإِذَا لَقُوا الذين ءامَنُوا } يعني أن المنافقين إذا لقوا الذين آمنوا : { قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ } أي : إذا خلا الذين لم ينافقوا بالمنافقين قالوا لهم عاتبين عليهم : { أَتُحَدّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ } أي : حكم عليكم من العذاب ، وذلك أن ناساً من اليهود أسلموا ، ثم نافقوا ، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذّب به آباؤهم ، وقيل إن المراد ما فتح الله عليهم في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد تقدم معنى خلا . والفتح عند العرب : القضاء ، والحكم ، والفتاح : القاضي بلغة اليمن . والفتح : النصر ، ومن ذلك قوله تعالى : { يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُوا } [ البقرة : 89 ] وقوله : { إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءكُمُ الفتح } [ الأنفال : 19 ] ومن الأوّل : { ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق } [ سبأ : 26 ] { وأنت خير الفاتحين } [ الأعراف : 89 ] أي : الحاكمين ، ويكون الفتح بمعنى الفرق بين الشيئين ، والمحاجة : إبراز الحجة ، أي : لا تخبروهم بما حكم الله به عليكم من العذاب ، فيكون ذلك حجة لهم عليكم ، فيقولون : نحن أكرم على الله منكم ، وأحق بالخير منه . والحجة ، الكلام المستقيم ، وحاججت فلاناً ، فحججته أي غلبته بالحجة . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ما فيه الضرر عليكم من هذا التحدث الواقع منكم لهم .

/خ77