غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

75

{ وإذا لقوا } أي اليهود قال منافقوهم : آمنا بأنكم على الحق ونشهد أن صاحبكم صادق ، ونجده بنعته وصفته في كتابنا . { وإذا خلا بعضهم } الذين لم ينافقوا { إلى بعض } الذين نافقوا { قالوا } عاتبين عليهم { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } بما بين لكم في التوراة من نعته وصفته مأخوذ من قولهم " قد فتح على فلان في علم كذا أي رزق ذلك وسهل له طلبه " ، أو قال المنافقون لعيرهم يرونهم التصلب في دينهم : أتحدثونهم إنكاراً عليهم أن يفتحوا عليهم شيئاً في كتابهم فينافقون المؤمنين وينافقون اليهود { ليحاجوكم به عند ربكم } ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه . جعلوا محاجتهم به وقولهم " هو في كتابكم هكذا " محاجة عند الله . ألا تراك تقول : هو في كتاب الله كذا وهو عند الله كذا بمعنى واحد ؟ وعن الحسن : ليحاجوكم في ربكم لأن المحاجة فيما ألزم تعالى من اتباع الرسل محاجة فيه أي دينه . وقال الأصم : يحاجوكم يوم القيامة عند المساءلة فيكون زيادة في توبيخكم ، فكان القوم يعتقدون أن ذلك مما يزيد في فضيحتهم في الآخرة . وقيل : ليحاجوكم به على وجه الديانة والنصيحة ، لأن من يذكر الحجة على هذا الوجه قد يقول لصاحبه : أزحت علتك عند الله وأقمت عليك الحجة بيني وبين ربي ، فإن قبلت أحسنت إلى نفسك ، وإن جحدت كنت الخاسر الخائب . وقيل : لتصيروا محجوجين بتلك الدلائل في حكم الله كما يقال : فلان عندي عالم أي في اعتقادي وحكمي . وهذا عند الشافعي كذا ، وعند أبي حنيفة كذا { أفلا تعقلون } أن ذلك لا يليق بما أنتم عليه فإنكم إذا حدثتموهم بالذي يحاجونكم به رجع وباله عليكم .