لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

قوله عز وجل { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } نزلت هذا الآية في اليهود ، الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن منافقي اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لهم : آمنا بالذي آمنتم به وإن صاحبكم صادق وقوله حق وإنا نجد نعته وصفته في كتابنا { وإذا خلا بعضهم إلى بعض } يعني كعب بن الأشرف وكعب بن أسد ووهب بن يهودا ورؤساء اليهود لاموا منافقي اليهود على ذلك و { قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } يعني قص الله عليكم في كتابكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه حق وقوله صدق { ليحاجوكم به } أي ليخاصمكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا عليكم بقولكم فيقولون لكم قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم لم لا تتبعونه ، وذلك أن اليهود قالوا لأهل المدينة حين شاوروهم في إتباع محمد صلى الله عليه وسلم : آمنوا به فإنه نبي حق ثم لام بعضهم بعضاً ، وقالوا : أتحدثونهم بما فتح الله عليكم لتكون لهم الحجة عليكم { عند ربكم } أي في الدنيا والآخرة وقيل : هو قول يهود بني قريظة بعضهم لبعض . حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : يا إخوان القردة والخنازير . قالوا : من أخبر محمداً بهذا ؟ هذا ما خرج إلا منكم وقيل : إن اليهود أخبروا المؤمنين بما عذبهم الله به من الجنايات . فقال بعضهم لبعض : أتحدثونهم بما قضى الله عليكم من العذاب ليروا الكرامة لأنفسهم عليكم عند الله { أفلا تعقلون } أي إن ذلك لا يليق بما أنتم عليه .