فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون ، أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } .

{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } نزلت في اليهود ، قال ابن عباس أن منافقي اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب رسول الله صلى اله عليه وسلم قالوا لهم آمنا بالذي آمنتم به وإن صاحبكم صادق وقوله حق ، وإنا نجد نعته وصفته في كتابنا { وإذا خلا بعضهم إلى بعض } يعني كعب ابن الأشرف وكعب بن أسد ووهب ابن يهودا رؤساء اليهود لاموا منافقي اليهود على ذلك ، وعن عكرمة أنها نزلت في ابن صوريا .

{ قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } وذلك أن ناسا من اليهود أسلموا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذب به آباؤهم ، وقيل أن المراد ما فتح الله عليهم في التوراة في صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، والفتح عند العرب القضاء والحكم والفتاح القاضي بلغة اليمن ، والفتح النصر ، ومن ذلك قوله تعالى { يستفتحون على الذين كفروا } وقوله { أن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ومن الأول { ثم يفتح بيننا بالحق وهو خير الفاتحين } أي الحاكمين ويكون الفتح بمعنى الفرق بين الشيئين وقيل معناه الإنزال ، وقيل الإعلام أو التبيين أو المن أي ما من به عليكم من نصركم على عدوكم .

{ ليحاجوكم به } أي ليخاصمكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا عليكم بقولكم فيقولون لكم قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم ألا تتبعونه { عند ربكم } في الدنيا والآخرة وقيل عند بمعنى في ، وقيل عند ذكر ربكم والأول أولى ، والمحاجة إبراز الحجة أي لا تخبروهم بما حكم عليكم الله به من العذاب فيكون ذلك حجة لهم عليكم فيقولون نحن أكرم على الله منكم وأحق بالخير منه ، والحجة الكلام المستقيم ، وحاججت فلانا فحججته أي غلبته بالحجة { أفلا تعقلون } ما فيه الضرر عليكم من هذا التحديث الواقع منكم لهم ، وهذا من تمام مقولهم .