فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (76)

{ فتح } قضى وحكم .

{ ليحاجوكم } ليقيموا به الحجة عليكم

{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذ خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم } هذا بيان لنفاق من نفاق اليهود معطوف على ما كان من فجور آبائهم وعلمائهم إذ يحرفون كلام الله عن مواضعه ومعنى هذه الآية قريب من معنى قول الحق تقدست أسماؤه { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون }{[315]} { وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون } وأصل الفتح في كلام العرب : النصر والقضاء والحكم ومنه قول ربنا تباركت آلاؤه : { . . . ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين }{[316]} أي احكم بيننا وبينهم وأنت خير الحاكمين . عن قتادة { قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } أي بما من عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فإنكم إذا فعلتم ذلك احتجوا به عليكم . . . وعن السدي { قالوا اتحدثونهم بما فتح الله عليكم } من العذاب { ليحاجوكم به عند ربكم } هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به فقال بعضهم لبعض { أتحدثونهم بما فتح الله عليكم } من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم : ( وقوله : { أفلا تعقلون } خبر من الله تعالى ذكره عن اليهود اللائمين إخوانهم على ما أخبروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليهم أنهم قالوا لهم : أفلا تفقهون أيها القوم وتعقلون أن إخباركم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبكم أنه نبي مبعوث حجة لهم عليكم عند ربكم يحتجون بها عليكم أي فلا تفعلون ذلك ولا تقولوا لهم مثل ما قلتم ولا تخبروهم مثل ما أخبرتموهم به من ذلك .


[315]:سورة البقرة الآيتان: 8، 9.
[316]:سورة الأعراف من الآية 89.