في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

ولكن رابطة الوالدين بالوليد - على كل هذا الانعطاف وكل هذه الكرامة - إنما تأتي في ترتيبها بعد وشيجة العقيدة . فبقية الوصية للإنسان في علاقته بوالديه : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) . . فإلى هنا ويسقط واجب الطاعة ، وتعلو وشيجة العقيدة على كل وشيجة . فمهما بذل الوالدان من جهد ومن جهاد ومن مغالبة ومن اقناع ليغرياه بأن يشرك بالله ما يجهل ألوهيته - وكل ما عدا الله لا ألوهية له فتعلم ! - فهو مأمور بعدم الطاعة من الله صاحب الحق الأول في الطاعة .

ولكن الاختلاف في العقيدة ، والأمر بعدم الطاعة في خلافها ، لا يسقط حق الوالدين في المعاملة الطيبة والصحبة الكريمة : ( وصاحبهما في الدنيا معروفا )فهي رحلة قصيرة على الأرض لا تؤثر في الحقيقة الأصيلة : ( واتبع سبيل من أناب إلي )من المؤمنين ( ثم إلي مرجعكم )بعد رحلة الأرض المحدودة ( فأنبئكم بما كنتم تعملون )ولكل جزاء ما عمل من كفران أو شكران ، ومن شرك أو توحيد .

روي أن هذه الآية نزلت هي وآية العنكبوت المشابهة وآية الأحقاف كذلك في سعد بن أبي وقاص وأمه [ كما قلت في تفسيرها في الجزء العشرين في سورة العنكبوت ] . وروي أنها نزلت في سعد بن مالك . ورواه الطبراني في كتاب العشرة - بإسناده - عن داود بن أبي هند . والقصة في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص . وهو الأرجح . أما مدلولها فهو عام في كل حال مماثلة ، وهو يرتب الوشائج والروابط كما يرتب الواجبات والتكاليف . فتجيء الرابطة في الله هي الوشيجة الأولى ، ويجيء التكليف بحق الله هو الواجب الأول . والقرآن الكريم يقرر هذه القاعدة ويؤكدها في كل مناسبة وفي صور شتى لتستقر في وجدان المؤمن واضحة حاسمة لا شبهة فيها ولا غموض .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

شرح الكلمات :

{ وإن جاهداك } : أي بذلا جهدهما في حملك على الشرك .

{ وصاحبهما في الدنيا معروفا } : أي واصحبهما في حياتهما بالمعروف وهو البر والإِحسان وكف الأذى والطاعة في غير معصية الله .

{ من أناب إليَّ } : أي رجع إليَّ بتوحيدي وطاعتي وطاعة رسولي محمد صلى الله عليه وسلم .

المعنى :

وقوله تعالى { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } أي وإن جاهداك أيها الإِنسان والداك وبذلا جهدهما في حملك على ن تشرك بي ما ليس لك به علم وهو عامة الشركاء إذ ما هناك من يصح إشراكه في عبادة الله قط . فلا تطعهما في ذلك أبدا ، { وصاحبهما في الدنيا } أي في الحياة بالمعروف وهو برهما وصلتهما وطاعتهما في غير معصية الله تعالى ورسوله ، وقوله : { واتبع سبيل من أناب إليَّ } أي اتبع طريق من أناب إليَّ بتوحيدي وعبادتي والدعوة إليّ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم والآية نزلت في سعد ابن أبي وقاص حيث أمرته أمه أن يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ودينه وذلك قبل إسلامها وبذلت جهداً كبيراً في مراودة ابنها سعد رضي الله عنهما وقوله { إليَّ مرجعكم } أي جميعاً فأنبكم بما كنتم تعملون وأجيزكم بعملكم الخير بالخير والشر بالشر فاتقوني بطاعتي وتوحيدي والإِنابة إليّ في كل أموركم .

الهداية :

من الهداية :

- تقرير مبدأ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق بعدم طاعة الوالدين في غير المعروف .

- وجوب اتباع سبيل المؤمنين من أهل السنة والجماعة وحرمة اتباع سبيل أهل البدع والضلالة .