{ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أراد بنفي العمل به نفيه ، أي : لا تشرك بي ما ليس بشيء ، يريد الأصنام ، كقوله تعالى : { مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَىْء } [ العنكبوت : 42 ] . { مَّعْرُوفاً } صحابا ، أو مصاحباً معروفاً حسناً بخلق جميل وحلم واحتمال وبر وصلة ، وما يقتضيه الكرم والمروءة { واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ } يريد : واتبع سبيل المؤمنين في دينك ولا تتبع سبيلهما فيه - وإن كنت مأموراً بحسن مصاحبتهما في الدنيا - ثم إليّ مرجعك ومرجعهما ، فأجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما ، علم بذلك حكم الدنيا وما يجب على الإنسان في صحبتهما ومعاشرتهما : من مراعاة حق الأبوة وتعظيمه ، وما لهما من المواجب التي لا يسوغ الاخلال بها ، ثم بين حكمهما وحالهما في الآخرة . وروي : أنها نزلت في سعد ابن أبي وقاص وأمّه . وفي القصة : أنها مكثت ثلاثاً لا تطعم ولا تشرب حتى شجروا فاهاً بعود . وروي أنه قال : لو كانت لها سبعون نفساً فخرجت ، لما ارتددت إلى الكفر .
فإن قلت : هذا الكلام كيف وقع في أثناء وصية لقمان ؟ قلت : هو كلام اعترض به على سبيل الاستطراد ، تأكيداً لما في وصية لقمان من النهي عن الشرك .
فإن قلت : فقوله : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ وفصاله فِى عَامَيْنِ } كيف اعترض به بين المفسر والمفسر ؟ قلت : لما وصى بالوالدين : ذكر ما تكابده الأمّ وتعانيه من المشاق والمتاعب في حمله وفصاله هذه المدّة المتطاولة ، إيجاباً للتوصية بالوالدة خصوصاً . وتذكيراً بحقها العظيم مفرداً ، ومن ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال له : من أبر ؟ " أمّك ثم أمّك ثم أمّك " ثم قال بعد ذلك " ثم أباك " وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه بنفسه :
أحْمِلُ أُمِّي وَهِيَ الْحَمَّالَهْ *** تُرْضِعُنِي الدُّرَّةَ وَالْعُلاَلَه ***
وَلاَ يُجَازَى وَالِدٌ فَعَالَهْ***
فإن قلت : ما معنى توقيت الفصال بالعامين ؟ قلت : المعنى في توقيته بهذه المدة أنها الغاية التي لا تتجاوز ، والأمر فيما دون العامين موكول إلى اجتهاد الأم : إن علمت أنه يقوى على الفطام فلها أن تفطمه ، ويدل عليه قوله تعالى : { والوالدات يُرْضِعْنَ أولادهن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة } [ البقرة : 233 ] وبه استشهد الشافعي رضي الله عنه على أن مدة الرضاع سنتان ، لا تثبت حرمة الرضاع بعد انقضائهما ، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد . وأما عند أبي حنيفة رضي الله عنه . فمدة الرضاع ثلاثون شهراً . وعن أبي حنيفة : إن فطمته قبل العامين فاستغنى بالطعام ثم أرضعته ، لم يكن رضاعاً . وإن أكل أكلاً ضعيفاً لم يستغن به عن الرضاع ثم أرضعته ، فهو رضاع محرم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.