محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا } أي في إشراك ما لا تعلمه مستحقا للعبادة ، تقليدا لهما .

وقال الزمخشري : أراد به نفيه ، أي لا تشرك بي ما ليس بشيء ، يريد الأصنام كقوله {[6095]} : { ما يدعون من دونه من شيء } .

قال في ( الكشف ) : ليس هذا من قبيل نفي العلم لنفي وجوده . كما مر في القصص . وإلا لقال ما ليس بموجود . بل أراد أنه بولغ في نفيه حتى جعل كلا شيء . ثم بولغ في سلك المجهول المطلق .

قال الشهاب : وهذا تقرير حسن ، فيه مبالغة عظيمة { وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } أي صحابا معروفا يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم .

قال السيوطي : في ( الإكليل ) : في الآية أن الوالد لا يطاع في الكفر . ومع ذلك يصحب معروفا { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } أي بالتوحيد والإخلاص في الطاعات ، وعمل الصالحات { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } كناية عن الجزاء ، كما تقدم نظائره .

قال القاضي : والآيتان ، يعني { ووصينا الإنسان إلى قوله – تعلمون } معترضتان في تضاعيف وصية لقمان ، تأكيدا لما فيها من النهي عن الشرك . كأنه قال : وقد وصينا بمثل ما وصى به ، وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك . فإنهما ، مع أنهما تلو البارئ تعالى في استحقاق التعظيم والطاعة ، لا يجوز أن يطاعا في الإشراك . فما ظنك بغيرهما ؟ انتهى .


[6095]:(29 / العنكبوت / 42).