بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

ثم قال عز وجل : { وَإِن جاهداك } يعني : وإن قاتلاك . يعني : أن حرمة الوالدين وإن كانت عظيمة ، فلا يجوز للولد أن يطيعهما في المعصية . فقال : { وَإِن جاهداك } يعني : وإن قاتلاك . ويقال : وإن أراداك { على أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } يعني : ما ليس لك به حجة بأن معي شريكاً { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في الشرك { وصاحبهما فِي الدنيا مَعْرُوفاً } يعني : عاشرهما في الدنيا معروفاً بالإحسان ، وإنما سمي الإحسان معروفاً لأنه يعرفه كل واحد .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «حُسْنَ المُصَاحَبَةِ أنْ يُطْعِمَهُمَا إذا جَاعَا ، وَأَنْ يَكْسُوَهُمَا إذا عَرِيَا » . ثم قال : { واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيّ } يعني : اتبع دين من أقبل إلي بالطاعة . { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة . وقال بعضهم : إنما يتمّ الكلام عند قوله : { واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيّ } يعني : دين من أقبل على الطاعة . ثم استأنف الكلام فقال : { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } تكراراً على وجه التأكيد { فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني : فأجازيكم بها .