الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

أخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي قال : إن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت هذه الآية { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } كنت رجلاً براً بأمي ، فلما أسلمت قالت : يا سعد وما هذا الذي أراك قد أحدَثْتَ ؟ لتَدَعَنَّ دينَك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فَتُعَيَّرَ بي ، فيُقال يا قاتل أمه قلت : يا أمه لا تفعلي فإني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوماً وليلة لا تأكل ، فأصبحت قد جهدت ، فمكثت يوماً آخر وليلة وقد اشتد جهدها ، فلما رأيت ذلك قلت : يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء ، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت . فنزلت هذه الآية .

وأخرج ابن عساكر عن سعد قال : نزلت فيَّ أربع آيات : الأنفال { وصاحبهما في الدنيا معروفاً } والوصية والخمر .

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه { وإن جاهداك على أن تشرك بي . . . } .

وأخرج ابن سعد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال : جئت من الرمي فإذا الناس مجتمعون على أمي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ، وعلى أخي عامر حين أسلم فقلت : ما شأن الناس ! فقالوا : هذه أمك قد أخذت أخاك عامراً تعطي الله عهداً : أن لا يظلها ظل ، ولا تأكل طعاماً ، ولا تشرب شراباً ، حتى يدع الصباوة . فأقبل سعد رضي الله عنه حتى تخلص إليها فقال : علي يا أمه فاحلفي قالت : لم ؟ قال : أن لا تستظلي في ظل ، ولا تأكلي طعاماً ، ولا تشربي شراباً ، حتى تريْ مقعدك من النار : فقالت : إنما أحلف على ابني البر . فأنزل الله { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } إلى آخر الآية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله { وصاحبهما في الدنيا معروفاً } قال : تعودهما إذا مرضا ، وتتبعهما إذا ماتا ، وتواسيهما مما أعطاك الله { واتبع سبيل من أناب إليَّ } .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله { واتبع سبيل من أناب إليَّ } قال : محمد صلى الله عليه وسلم .