تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما } أمر في الآية الأولى بالإحسان إليهما والبر لهما والطاعة . ثم بين أن لا في كل أمر يطاعان ، ولا في جميع ما يأمران ، ويسألان ، يجابان . إنما يطاعان ، ويجابان ، في ما يؤذن لهما ، ويباح لهما ، لا في ما لا يؤذن ، ولا يباح بحال . بل يؤمر بالخلاف لهما على انتفاء( {[16194]} ) المعاداة فضلا أن يطاعا ، ويجابا إلى ما يدعوان ، ويأمران . وكذلك ذكر في الخبر : أن ( لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ) [ ابن أبي شيبة في المصنف 12/546 ] وإنما أمر بحسن المصاحبة لهما والمعروف في ما لم يكن في ذلك معصية الخالق حين( {[16195]} ) قال : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } .

وقوله تعالى : { واتبع سبيل من أناب إلي } قال بعضهم : اتبع دين من أقبل إلي ، ورجع إلى طاعتي ، وهو النبي ، أو يكون قوله : { واتبع سبيل من أناب إلي } أي اتبع سبيلي وديني كقوله : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه } [ الأنعام : 153 ] .

فعلى ذلك الأول : جائز أن يكون تأويله : اتبع سبيلي وديني ولا تتبع غيري . [ ويحتمل أن اتبع ]( {[16196]} ) سبيل من أناب ، ورجع إلي ، ولا تتبع سبيل من لم ينب ، ولم يرجع إلي .

ثم أخبر برجوع الكل إليه : من رجع ، وأناب إليه ، ومن لم يرجع ، ولم ينب إليه ، على الوعيد حين( {[16197]} ) قال : { ثم إلي مرجعكم } الآية . وهو كقوله : { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله } إلى قوله : { فسيحشرهم إليه جميعا } [ النساء : 172 ] أي من استنكف ومن لم يستنكف يحشر إليه جميعا . فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .


[16194]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: اعتقاد.
[16195]:في الأصل وم: حيث.
[16196]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[16197]:في الأصل وم: حيث.