في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المنافقون مدنية وآياتها إحدى عشرة

هذه السورة التي تحمل هذا الاسم الخاص " المنافقون " الدال على موضوعها . . ليست هي السورة الوحيدة التي فيها ذكر النفاق والمنافقين ، ووصف أحوالهم ومكائدهم . فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحا أو تصريحا . ولكن هذه السورة تكاد تكون مقصورة على الحديث عن المنافقين ، والإشارة إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم ورويت عنهم .

وهي تتضمن حملة عنيفة على أخلاق المنافقين وأكاذيبهم ودسائسهم ومناوراتهم ، وما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين ، ومن اللؤم والجبن وانطماس البصائر والقلوب .

وليس في السورة عدا هذا إلا لفتة في نهايتها إلى الذين آمنوا لتحذيرهم من كل ما يلصق بهم صفة من صفات المنافقين ، ولو من بعيد . وأدنى درجات النفاق عدم التجرد لله ، والغفلة عن ذكره اشتغالا بالأموال والأولاد ، والتقاعس عن البذل في سبيل الله حتى يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه البذل والصدقات .

وحركة النفاق التي بدأت بدخول الإسلام المدينة ، واستمرت إلى قرب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تنقطع في أي وقت تقريبا ، وإن تغيرت مظاهرها ووسائلها بين الحين والحين . . هذه الحركة ذات أثر واضح في سيرة هذه الفترة التاريخية وفي أحداثها ؛ وقد شغلت من جهد المسلمين ووقتهم وطاقتهم قدرا كبيرا ؛ وورد ذكرها في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف مرات كثيرة تدل على ضخامة هذه الحركة ، وأثرها البالغ في حياة الدعوة في ذلك الحين .

وقد ورد عن هذه الحركة فصل جيد في كتاب : " سيرة الرسول : صور مقتبسة من القرآن الكريم " لمؤلفه الأستاذ " محمد عزة دروزة " نقتطف منه فقرات كاشفة :

" وعلة ظهور تلك الحركة في المدينة واضحة ، فالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] والمسلمون الأولون في مكة لم يكونوا من القوة والنفوذ في حالة تستدعي وجود فئة من الناس ترهبهم أو ترجو خيرهم ، فتتملقهم وتتزلف إليهم في الظاهر ، وتتآمر عليهم وتكيد لهم وتمكر بهم في الخفاء ، كما كان شأن المنافقين بوجه عام . ولقد كان أهل مكة وزعماؤها خاصة يناوئون النبي جهارا ، ويتناولون من استطاعوا من المسلمين بالأذى الشديد ، ويقاومون الدعوة بكل وسيلة دون ما تحرز أو تحفظ ؛ وكانت القوة لهم حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة فرارا بدينهم ودمهم إلى الحبشة أولا ، ثم إلى يثرب ؛ وحتى فتن بعضهم عن دينه بالعنف والإكراه ، أو بالإغراء والتهويش ؛ وحتى تزلزل بعضهم وتبرم ونافق المشركين ، وحتى مات بعض من ناله الأذى ممن ثبت على دينه نتيجة للتعذيب . . .

" أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفا جدا . فالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] استطاع قبل أن يهاجر إليها أن يكسب أنصارا أقوياء من الأوس والخزرج ؛ ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه ، ولم يبق تقريبا بيت عربي فيها لم يدخله الإسلام . ففي هذه الحالة لم يكن من الهين أن يقف الذين لم يؤمنوا به - إما عن جهالة وغباء ، وإما عن غيظ وحقد وعناد ، لأنهم رأوا في قدوم النبي حدا لنفوذهم وسلطانهم - موقف الجحود والعداء العلني للنبي والمسلمين من المهاجرين والأنصار ؛ وكان للعصبية في الوقت نفسه أثر غير قليل في عدم الوقوف هذا الموقف ، لأن سواد الأوس والخزرج أصبحوا أنصار النبي ، ومرتبطين به بمواثيق الدفاع والنصر ، إلى أن جلهم قد حسن إسلامهم ، وغدوا يرون في النبي رسول الله ، وقائدهم الأعلى الواجب الطاعة ، ومرشدهم الأعظم الواجب الاتباع ، فلم يكن يسع الذين ظلت تغلبهم نزعة الشرك ، ويتحكم فيهم مرض القلب والمكابرة والحقد ، ويحملهم ذلك على مناوأة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ودعوته ونفوذه - أن يظهروا علنا في نزعتهم وعدائهم ، ولم يكن أمامهم إلا التظاهر بالإسلام ، والقيام بأركانه ، والتضامن مع قبائلهم . وجعل مكرهم وكيدهم ودسهم ومؤامراتهم بأسلوب المراوغة والخداع والتمويه ، وإذا كانوا وقفوا أحيانا مواقف علنية فيها كيد ودس ، وعليها طابع من النفاق بارز ، فإنما كان هذا منهم في بعض الظروف والأزمات الحادة التي كانت تحدق بالنبي والمسلمين ، والتي كانوا يتخذونها حجة لتلك المواقف بداعي المصلحة والمنطق والاحتياط ؛ ولم يكونوا على كل حال يعترفون بالكفر أو النفاق ، غير أن نفاقهم وكفرهم ومواقفهم في الكيد والدس والتآمر لم تكن لتخفى على النبي [ صلى الله عليه وسلم ] والمخلصين من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، كما أن المواقف العلنية التي كانوا يقفونها في فرص الأزمات كانت مما تزيد كفرهم ونفاقهم فضيحة ومقتا . وقد كانت الآيات القرآنية توجه إليهم كذلك الفضائح المرة بعد المرة ، وتدل عليهم بما يفعلون أو يمكرون ، وتدمغهم بشرورهم وخبثهم ومكايدهم ، وتحذر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] والمسلمين منهم في كل ظرف ومناسبة .

" ولقد كانت مواقف المنافقين ومكايدهم بعيدة المدى والأثر على ما تلهم الآيات المدنية ، حتى لكأنه نضال قوي ، يذكر بما كان من نضال بين النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وزعماء مكة ، وإن اختلفت الأدوار والنتائج ؛ إذ أن النبي لم يلبث أن أخذ مركزه يتوطد وقوته تزداد ، ودائرة الإسلام تتسع ، وصار صاحب سلطان وأمر نافذ وجانب عزيز ؛ وإذ لم يكن المنافقون كتلة متضامنة ذات شخصية خاصة بارزة ، وكان ضعفهم وضآلة عددهم وشأنهم يسيران سيرا متناسبا عكسيا مع ما كان من تزايد قوة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] واتساع دائرة الإسلام ، وتوطد عزته وسلطانه " .

[ ويكفيك لأجل أن تشعر بخطورة الدور الذي قام به المنافقون ، وخاصة في أوائل العهد ، أن تلاحظ أن المنافقين كانوا أقوياء نسبيا بعصبياتهم التي كانت ما تزال قوية الأثر في نفوس سواد قبائلهم ، كما أنهم لم يكونوا مفضوحين فضيحة تامة ، ولم يكن الإسلام قد رسخ في هذا السواد رسوخا كافيا ؛ وأن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] كان محوطا بالمشركين الجاحدين من كل جانب ، وأهل مكة خصومه الألداء ، وهم قبلة الجزيرة يتربصون به الدوائر ، ويتحينون كل فرصة ووسيلة للقضاء عليه ؛ واليهود في المدينة وحولها قد تنكروا له منذ عهد مبكر وتطيروا به ، ثم جاهروه بالكفر والعداء والمكر ؛ ولم يلبث أن انعقد بينهم وبين المنافقين حلف طبيعي على توحيد المسعى ، والتضامن في موقف المعارضة والكيد ، حتى ليمكن القول : إن المنافقين لم يقووا ويثبتوا ويكن منهم ذلك الأذى الشديد والاستمرار في الكيد والدس إلا بسبب ما لقوه من اليهود من تعضيد ، وما انعقد بينهم من تضامن وتواثق ، ولم يضعف شأنهم ويخف خطرهم إلا بعد أن مكن الله للنبي من هؤلاء وأظهره عليهم ، وكفاه شرهم ] .

وهذه السورة تبدأ بوصف طريقتهم في مداراة ما في قلوبهم من الكفر ، وإعلانهم الإسلام والشهادة بأن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] هو رسول الله . وحلفهم كذبا ليصدقهم المسلمون ، واتخاذهم هذه الأيمان وقاية وجنة يخفون وراءها حقيقة أمرهم ، ويخدعون المسلمين فيهم :

( إذا جاءك المنافقون قالوا : نشهد إنك لرسول الله - والله يعلم إنك لرسوله - والله يشهد إن المنافقين لكاذبون . اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ، إنهم ساء ما كانوا يعملون ) . .

فهم كانوا يجيئون إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فيشهدون بين يديه برسالته شهادة باللسان ، لا يقصدون بها وجه الحق ، إنما يقولونها للتقية ، وليخفوا أمرهم وحقيقتهم على المسلمين . فهم كاذبون في أنهم جاءوا ليشهدوا هذه الشهادة ، فقد جاءوا ليخدعوا المسلمين بها ، ويداروا أنفسهم بقولها . ومن ثم يكذبهم الله في شهادتهم بعد التحفظ الذي يثبت حقيقة الرسالة : ( والله يعلم إنك لرسوله ) . . ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) .

والتعبير من الدقة والاحتياط بصورة تثير الانتباه . فهو يبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين . ولولا هذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم وهو الرسالة . وليس هذا هو المقصود . إنما المقصود تكذيب إقرارهم فهم لا يقرون الرسالة حقا ولا يشهدون بها خالصي الضمير !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

مقدمة السورة:

أهداف سورة المنافقون

( سورة المنافقون مدنية ، وآياتها 11 آية ، نزلت بعد سورة الحج )

والنفاق هو إظهار الإسلام أمام المسلمين ، وإضمار غير الإسلام ، والنفق بفتحتين سرب في الأرض يكون له مخرج من موضع آخر ، ونافق اليربوع إذا أتى النافقاء ، أي دخل من مكان وخرج من مكان ، ومنه قيل : نافق الرجل ، إذا دخل في الإسلام أمام المسلمين ، ودخل في عداوة الإسلام أمام غير المسلمين .

والنفاق قسمان :

القسم الأول : نفاق العقيدة ، وهو إظهار الإيمان وإخفاء الكفر .

والقسم الثاني : نفاق العمل ، وهو الرياء والسمعة والتظاهر ، وإبراز الأمور على غير حقيقتها .

النفاق في المدينة

لم يظهر النفاق بمكة لأن المسلمين كانوا مستضعفين ، وكان أهل مكة يعلنون لهم العداء ويجابهونهم بالإيذاء ، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، والتف حوله الأنصار والمهاجرون ، وقويت شوكته بوحدة المسلمين وتماسكهم ، وظل الإسلام يتفوق يوما بعد يوم ، ويدخل فيه وجوه أهل المدينة من رجال الأوس والخزرج ، وأهل العصبية فيهم ، عندئذ رأى بعض المنافقين أن يدخلوا في الإسلام مجاملة لأهله ، وأن يبيتوا الكيد والخداع للمسلمين .

وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم من الناس ظواهرهم ، وترك بواطنهم إلى الله ، ولكنّ الأحداث كانت تُعرِّف المسلمين بهؤلاء المنافقين ، فإذا وقع المسلمون في شدة أو انهزموا في معركة تجرأ هؤلاء المنافقون على تجريحهم والتشهير بهم جهارا نهارا . وإذا أنعم الله على المؤمنين بالنصر اختبأ المنافقون في جحورهم ، وغيروا طريقتهم ، وانتقلوا من باب المواجهة إلى الكيد والدسّ في الخفاء .

وكان اليهود في المدينة يكوّنون جبهة قوية ، وقد ساندوا المنافقين وشجعوهم ، وكوّن الطرفان جبهة متحدة لمناوأة الإسلام والمسلمين .

وكان عبد الله بن أُبي بن سلول زعيم المنافقين بالمدينة ، وكان من وجهاء الأنصار ، وكان قومه ينظمون له الخرز ليتوجوه ملكا عليهم ، فلما جاء الإسلام للمدينة ، وتعاظمت قوة المسلمين يوما بعد آخر ، وأصبح النبي الأمين صاحب الكلمة النافذة ، والأمر المطاع اشتد حقد عبد الله بن أُبي لضياع الملك من بين يديه ، وكوّن جبهة للنفاق تُشيع السوء والفتنة ، وتُدبر الكيد والأذى للمسلمين .

وشاء الله أن يمتحن المسلمين بوجود اليهود في المدينة ، وبوجود المنافقين فترة طويلة صاحبت نشوء الدعوة بالمدينة ، ولم يشأ الله أن يُعرف النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائهم إلا في آخر حياته ، وقد أخفى النبي أسماءهم عن الناس ، وأعلم واحدا فقط من الصحابة بهم هو النعمان بن مقرن ليظل أمرهم مستورا .

وكان بعضهم ينكشف أمره من سلوكه وفعله وقوله وقسمات وجهه وتعبيراته .

قال تعالى : { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم } . ( محمد : 30 ) .

قصة نزول السورة

في كثير من كتب التفسيرi والسيرةii : أن هذه السورة نزلت في أعقاب غزوة بني المصطلق ، وقد انتصر فيها المسلمون ، وغنموا غنائم كثيرة ، وقد وقعت في شعبان من السنة الخامسة للهجرة ( ديسمبر 626م ) . وبعد المعركة ازدحم على الماء رجلان ، أحدهما أجير لعمر بن الخطاب وهو جهجاه بن سعيد ، والثاني حليف بني عون بن الخزرج وهو سنان الجهني ، وتضاربا فقال جهجاه : يا للمهاجرين ، وقال سنان : يا للأنصار ، فاجتمع عليها المتسرعون من المهاجرين والأنصار حتى كادوا يقتتلون ، وأوشكت أن تقوم الفتنة بين المهاجرين والأنصار ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصراخ خرج مسرعا يقول : " ما بال دعوى الجاهلية " ؟ فأخبروه الخبر ، فصاح غاضبا : " دعوا هذه الكلمة فإنها منتنة " iii . وأدرك الفريقين فهدّأ من ثورتهما ، وكلم المضروب حتى أسقط حقه ، وبذلك سكنت الفتنة وتصافى الفريقان .

ولكن عبد الله بن أُبي عزّ عليه أن تنطفئ هذه الشرارة قبل أن تحدث حريقا بين المسلمين ، وأن نموت هذه الفتنة قبل أن تذهب صفوف المسلمين من وحدة وائتلاف ، فأخذ يُهيج من معه من الأنصار ويثير ضغينتهم ضد المهاجرين ، وجعل يقول في أصحابه :

( والله ما رأيت كاليوم مذلة ، لقد نافرونا وكاثرونا في بلدنا ، وأنكروا منّتنا ، والله ما وعدنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل : سمّن كلبك يأكلك . . لئن رجعا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) . يقصد بالأعز نفسه ، وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم أقبل ابن أُبي على من حضره من قومه يلومهم ويعنفهم فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وأنزلتموهم منازلكم ، وآسيتموهم في أموالكم حتى استغنوا . . أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم . . ثم لم ترضوا ما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا ، فقتلتم دونهم ، فأيتمتم أولادكم ، وقللتم وكثروا . . فلا تنفقوا على من حوله حتى ينفضوا .

وكان في القوم زيد بن أرقم – وهو يومئذ غلام لم يبلغ الحلم ، أو قد بلغ حديثا – فنقل كلام أُبي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأثر من معه من المهاجرين والأنصار ، وشاع في الجيش ما قاله ابن أُبي حتى ما كان للناس حديث غيره ، وقال عمر للنبي : يا رسول الله ، مُرْ بلالا فليقتله ، وهنا ظهر النبي كدأبه بمظهر القائد المحنك والحكيم البعيد النظر ، إذ التفت إلى عمر وقال : " فكيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " ؟ ولكنه قدر في نفس الوقت أنه إذا لم يتخذ خطوة حازمة فقد يستفحل الأمر . لذلك أمر أن يؤذن في الناس بالرحيل ، في ساعة لم يكن يرتحل فيها المسلمون .

وترامى إلى ابن أُبي ما بلغ النبي عنه ، فأسرع إلى حضرته ينفي ما نُسب إليه ويحلف بالله ما قاله ولا تكلم به ، ولم يغير ذلك من قرار النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل .

قال ابن إسحاق : فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار ، لقيه أسيد بن حضيرiv ، فحيّاه بتحية النبوة وسلم عليه ، ثم قال : يا نبي الله ، والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو ما بلغك ما قال صاحبكم " ؟ قال : وأي صاحب يا رسول الله ؟ قال : " عبد الله بن أُبي " .

قال : وما قال ؟ قال : " زعم أنه إن رجع المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " . قال أسيد : فأنت يا رسول الله – والله – تخرجه منها إن شئت ، هو – الله – الذليل وأنت العزيز ، في عز من الرحمن ومنعة المسلمين . ثم قال أسيد : يا رسول الله ، ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا .

ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى ، وليلتهم حتى أصبح ، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ، ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما . . وإنما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ليشغل الناس عن كلام عبد الله بن أُبي .

ونزلت سورة المنافقون في ابن أبي ومن كان على مثل أمره ، ولما نزلت السورة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا غلام ، إن الله قد صدقك وكذب المنافقين " .

ولما ظهر كذب عبد الله بن أبي قيل له : قد نزلت فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله يستغفر لك ، فلوى رأسه وقال : أمرتموني أن أؤمن فآمنت ، وأمرتموني أن أزكي مالي فزكيت ، وما بقي إلا أن أسجد لمحمد ، فنزل فيه قوله تعالى : وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لوّوا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون . ( المنافقون : 5 ) .

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أُبي الذي كان من أمر أبيه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنه قد بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبي فيما بلغك عنه ، فإن كنت لابد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه ، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده مني ، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله ، فأقتل رجلا مؤمنا بكافر ، فأدخل النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا " .

مع السورة

وصفت الآيات الأربع الأولى من السورة رياء المنافقين ، وكشفت خداعهم ، إنهم يُظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، ويسارعون بالشهادة لله وبالوحدانية ولمحمد بالرسالة ، وهم كاذبون في هذه الشهادة ، لأنها لا تطابق عقيدتهم ، ولا توافق ما يضمرونه في قلوبهم . ( آية : 1 ) .

وكانوا يحلفون بالله كذبا ، ويتحصنون بهذه الأيمان ، وبئست أفعال الرجال ، الكذب والأيمان الفاجرة . ( آية : 2 ) .

لقد تكرر نفاقهم ، وطبع الله على قلوبهم ، فلا ينفذ إليهم الهدى والإيمان . ( آية : 3 ) .

وكان فيهم أقوام صباح الوجوه ، أشداء البنية ، فصحاء الألسنة ، فإذا تكلموا أعجبوا السامع بكلامهم المعسول ، ولكن واقعهم لا يوافق ظاهرهم ، وإن عداوتهم ضاربة ، فاحذرهم ، واتق جانبهم في حياتك ، فإنهم سيلقون مصيرهم المحتوم بالهلاك والنكال . ( آية : 4 ) .

وتشير الآيات ( 4-8 ) إلى ما حدث من عبد الله بن أُبي بن سلول في أعقاب غزوة بني المصطلق ، وقد مرت قصتها .

ولما انكشف أمره ، دعاه الناس ليستغفر له الرسول الأمين ، فأعرض ولوى وجهه ، خوفا من مواجهة الرسول بالحقيقة . ( آية : 5 ) .

وكان ابن أُبي قد طلب من بعض الأنصار أن يُمسكوا نفقتهم ومساعدتهم عن المهاجرين ، حتى ينفضوا عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فذكر القرآن أن خزائن الله عامرة ، وخيره لا ينفذ ، وهو الرزاق ذو القوة المتين . ( آية : 7 ) .

وكان ابن أبيّ يبيت كيدا مع أتباعه ويتوعد بأن يخرج النبي من المدينة ذليلا ، فبين الله أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، بالإيمان وبمساعدة الرحمن وبعون الله القوي المتين ، ولكن المنافقين لا يفقهون هذه المعاني الكريمة . ( آية : 8 ) .

أما المقطع الأخير في السورة ويشمل الآيات ( 9-11 ) فإنه يتوجه إلى المؤمنين بالنداء ألا تشغلهم أموالهم ولا أولادهم عن تذكر ربهم ، والقيام بحقه ومرضاته ، وتأمرهم بالصدقة والزكاة وعمل الخير ، فالله مصدر الرزق ، وله الحمد في الأولى والآخرة . فأنفق وأنت صحيح شحيح ، ولا تمهل إذا حتى إذا بلغت الروح الحلقوم تمنيت العودة للدنيا لإخراج الصدقة وعمل الصالحات ، ولكن الأجل إذا جاء لا يتأخر لحظة ، بل يساق الإنسان إلى الخبير العليم فيلقى جزاء ما قدم .

وهكذا تختم السورة بهذه الدعوة إلى الإخلاص لله ، وامتثال أوامره ، فهو مطّلع وشاهد ، وهو الحكيم العادل .

المعنى الإجمالي للسورة

قال الفيروزبادي :

معظم مقصود السورة : تقريع المنافقين وتبكيتهم ، وبيان ذلهم وكذبهم ، وذكر تشريف المؤمنين وتبجيلهم ، وبيان عزهم وشرفهم ، والنهي عن نسيان ذكر الحق تعالى ، والغفلة عنه ، والإخبار عن ندامة الكفار بعد الموت ، وبيان أنه لا تأخير ولا إمهال بعد حلول الأجل ، في قوله تعالى : { ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون } . ( المنافقون : 11 ) .

******

صفات المنافقين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ( 1 ) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 2 ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ( 3 ) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 4 ) }

1

المفردات :

المنافقون : الذين كانوا يُظهرون الإيمان ويُخفون الكفر .

التفسير :

1- { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } .

كان المنافقون يحلفون كذبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويشهدون مؤكدين شهادتهم ، بأن محمدا رسول الله .

والله تعالى يعلم أن محمدا رسول الله حقا وصدقا ، والله تعالى يشهد إن المنافقين لكاذبون في دعواهم الإيمان ، وإنما هم منافقون ، يُظهرون هذه الشهادة نفاقا ورياء ، ويبطنون الكفر والكيد للإسلام ولرسوله .

جاء في التسهيل :

وقوله : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ . . } ليس من كلام المنافقين ، وإنما هو من كلام الله تعالى ، ولو لم يذكره لكان يوهم أن قوله : { وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } . إبطال للرسالة ، فوسّطه بين حكاية المنافقين وبين تكذيبهم ، ليزيل هذا الوهم وليحقق الرسالة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

{ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } لاضمارهم خلاف ما أظهروا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية في قول الجميع ، وهي إحدى عشرة آية

قوله تعالى : " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله " روى البخاري عن زيد بن أرقم قال : كنت مع عمي فسمعت عبدالله بن أبي ابن سلول يقول : " لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا " . وقال : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " فذكرت ذلك لعمي فذكر عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا ، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني . فأصابني هم لم يصبني مثله ، فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل : " إذا جاءك المنافقون - إلى قوله - هم الذين يقولون لا تنفقوا علي من عند رسول الله - إلى قوله - ليخرجن الأعز منها الأذل " فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( إن الله قد صدقك ) خرجه الترمذي قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي الترمذي عن زيد بن أرقم قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معنا أناس من الأعراب فكنا نبدر الماء ، وكان الأعراب يسبقونا إليه فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حول حجارة ، ويجعل النطع{[15021]} عليه حتى تجيء أصحابه . قال . : فأتى رجل من الأنصار أعرابيا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه ، فانتزع حجرا{[15022]} فغاض الماء ، فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه ، فأتى عبدالله بن أبي رأس المنافقين فأخبره - وكان من أصحابه - فغضب عبدالله بن أبي ثم قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله - يعني الأعراب - وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام ، فقال عبدالله : إذا انفضوا من عند محمد فأتوا محمدا بالطعام ، فليأكل هو ومن عنده . ثم قال لأصحابه : لئن رجعتم إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . قال زيد : وأنا رِدْف عمي{[15023]} فسمعت عبدالله بن أبي فأخبرت عمي ، فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف وجحد . قال : فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني . قال : فجاء عمي إلي فقال : ما أردت إلى أنْ مَقَتَك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمنافقون{[15024]} . قال : فوقع علي من جرأتهم ما لم يقع{[15025]} على أحد . قال : فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قد خففت برأسي من الهم إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا . ثم إن أبا بكر لحقني فقال : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : ما قال شيئا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي ، فقال أبشر ! ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر . فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . وسئل حذيفة بن اليمان عن المنافق ، فقال : الذي يصف الإسلام ولا يعمل به . وهو اليوم شر منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهم كانوا يكتمونه وهم اليوم يظهرونه .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ) . وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) . أخبر عليه السلام أن من جمع هذه الخصال كان منافقا ، وخبره صدق . وروي عن الحسن أنه ذكر له هذا الحديث فقال : إن بني يعقوب حدثوا فكذبوا ووعدوا فأخلفوا وأتمنوا فخانوا . إنما هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الإنذار للمسلمين ، والتحذير لهم أن يعتادوا هذه الخصال ؛ شفقا أن تقضي بهم إلى النفاق . وليس المعنى : أن من بدرت منه هذه الخصال من غير اختيار واعتياد أنه منافق . وقد مضى في سورة " التوبة " القول في هذا مستوفى والحمد لله{[15026]} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن إذا حدث صدق وإذا وعد أنجز وإذا ائتمن وفى ) . والمعنى : المؤمن الكامل إذا حدث صدق . والله اعلم .

قوله تعالى : " قالوا نشهد إنك لرسول الله " قيل : معنى " نشهد " نحلف . فعبر عن الحلف بالشهادة ؛ لأن كل واحد من الحلف والشهادة إثبات لأمر مغيب{[15027]} ، ومنه قول قيس بن ذريح .

وأشهد عند الله أني أحبها *** فهذا لها عندي فما عندها لِيَا

ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على ظاهره أنهم يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترافا بالإيمان ونفيا للنفاق عن أنفسهم ، وهو الأشبه . " والله يعلم إنك لرسوله " كما قالوه بألسنتهم . " والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " أي فيما أظهروا من شهادتهم وحلفهم بألسنتهم . وقال الفراء : " والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " بضمائرهم ، فالتكذيب راجع إلى الضمائر . وهذا يدل على أن الإيمان تصديق القلب ، وعلى أن الكلام الحقيقي كلام القلب . ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب . وقد مضى هذا المعنى في أول " البقرة " مستوفى{[15028]} وقيل : أكذبهم الله في أيمانهم وهو قوله تعالى : " يحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم{[15029]} " [ التوبة : 56 ] .


[15021]:بساط من جلد.
[15022]:في الترمذي: "فانتزع قباض الماء".
[15023]:في الترمذي: "وأنا ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[15024]:في الترمذي: "والمسلمون".
[15025]:في الترمذي: "فوفع على من الهم ما لم...".
[15026]:راجع جـ 8 ص 212.
[15027]:في أ: "لأمر معين".
[15028]:راجع جـ 1 ص 192.
[15029]:راجع جـ 8 ص 164 وص 206.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

{ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون }

{ إذا جاءك المنافقون قالوا } بألسنتهم على خلاف ما في قلوبهم { نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد } يعلم { إن المنافقين لكاذبون } فيما أضمروه مخالفاً لما قالوه .