الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية وهي إحدى عشرة آية

أرادوا بقولهم : { نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله } شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم . فقال الله عزّ وجلّ : قالوا ذلك { والله يَعْلَمُ } أن الأمر كما يدل عليه قولهم : إنك لرسول الله ، والله يشهد أنهم لكاذبون في قولهم : نشهد ؛ وادعائهم فيه المواطأة . أو إنهم لكاذبون فيه ، لأنه إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة ؛ فهم كاذبون في تسميته شهادة . أو أراد : والله يشهد إنهم لكاذبون عند أنفسهم : لأنهم كانوا يعتقدون أنّ قولهم : { إِنَّكَ لَرَسُولُ الله } كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه .

فإن قلت : أي فائدة في قوله تعالى : { والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } ؟ قلت : لو قال : قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إنهم الكاذبون ، لكان يوهم أنّ قولهم هذا كذب ؛ فوسط بينهما قوله : { والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } ؟ ليميط هذا الإيهام .