محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} (1)

مقدمة السورة:

63- سورة المنافقون

مدنية وآيها إحدى عشر .

{ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله } أي أن الأمر كما قالوه { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } أي في قولهم { نشهد } وادعائهم فيه مواطأة قلوبهم ألسنتهم لأنهم أضمروا غير ما أظهروا { اتخذوا أيمانهم } أي حلفهم الكاذب أو شهادتهم هذه فإنها تجري مجرى الحلف في التوكيد { جنة } أي وقاية من القتل والسبي ، { فصدوا عن سبيل الله } أي دينه الذي بعث به رسوله صلوات الله عليه وشريعته التي شرعها لخلقه { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي في اتخاذهم أيمانهم جنة ، وصدهم وغير ذلك من أعمالهم وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم .

تنبيه : في ( الإكليل ) استدل بالآية أبو حنيفة على أن ( أشهد بالله ) ، يمين وإن لم ينو معه لأنه تعالى أخبر عن المنافقين أنهم قالوه ثم سماه ( أيمانا ) انتهى .

قال الناصر وليس فيما ذكره دليل فإن قوله { اتخذوا أيمانهم جنة } غايته أن ما ذكره يسمى يمينا ، وليس الحلف في تسميته يمينا ، وإنما الخلاف هل يكون يمينا منعقدة يلزم بالحث فيها كفارة أم لا ؟ وليس كل ما يسمى حلفا أو قسما يوجب حكما ، ألا ترى أنه لو قال أحلف ولم يقل بالله ولا بغيره فهو من محال الخلاف في وجوب الكفارة به ، وإن كان حلفا لغة باتفاق لأنه فعل مشتق منه انتهى .