في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

15

( الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ) . والخبء : المخبوء إجمالا سواء أكان هو مطر السماء ونبات الأرض ، أم كان هو أسرار السماوات والأرض . وهي كناية عن كل مخبوء وراء ستار الغيب في الكون العريض . ( ويعلم ما تخفون وما تعلنون )وهي مقابلة للخبء في السماوات والأرض بالخبء في أطواء النفس . ما ظهر منه وما بطن .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللّهُ لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } .

اختلف القرّاء ، في قراءة قوله ألاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ فقرأ بعض المكيين وبعض المدنيين والكوفيين «ألاَ » بالتخفيف ، بمعنى : ألا يا هؤلاء اسجدوا ، فأضمروا «هؤلاء » اكتفاء بدلاة «يا » عليها . وذكر بعضهم سماعا من العرب : ألا يا ارحمنا ، ألا يا تصدّق علينا واستشهد أيضا ببيت الأخطل :

ألا يا اسْلَمي يا هِنْدُ هنْدَ نَبِي بَدرِ *** وَإنْ كانَ حَيّانا عِدا آخِرَ الدّهْرِ

فعلى هذه القراءة اسجدوا في هذا الموضع جزم ، ولا موضع لقوله «ألا » في الإعراب . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة ألاّ يَسْجُدوا بتشديد ألاّ ، بمعنى : وزيّن لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله «ألاّ » في موضع نصب لما ذكرت من معناه أنه لئلا ، ويسجدوا في موضع نصب بأن .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء من القرّاء مع صحة معنييهما .

واختلف أهل العربية في وجه دخول «يا » في قراءة من قرأه على وجه الأمر ، فقال بعض نحويي البصرة : من قرأ ذلك كذلك ، فكأنه جعله أمرا ، كأنه قال لهم : اسجدوا ، وزاد «يا » بينهما التي تكون للتنبيه ، ثم أذهب ألف الوصل التي في اسجدوا ، وأذهبت الألف التي في «يا » لأنها ساكنة لقيت السين ، فصار ألا يسجدوا . وقال بعض نحويي الكوفة : هذه «يا » التي تدخل للنداء يكتفي بها من الاسم ، ويكتفي بالاسم منها ، فتقول : يا أقبل ، وزيد أقبل ، وما سقط من السواكن فعلى هذا .

ويعني بقوله : يُخْرِجُ الخَبْءَ يخرج المخبوء في السموات والأرض من غيث في السماء ، ونبات في الأرض ونحو ذلك . وبالذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل ، وإن اختلفت عبارتهم عنه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جُرَيج ، قراءة عن مجاهد يُخْرِجُ الخَبْءَ في السّمَوَات قال : الغيث .

حدثني محمد بن عمر ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله يُخْرِجُ الخَبْءَ قال : الغيث .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله الّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السّمَوَاتِ والأرْضِ قال : خبء السماء والأرض : ما جعل الله فيها من الأرزاق ، والمطر من السماء ، والنبات من الأرض ، كانتا رتقا ، لا تمطر هذه ولا تنبت هذه ، ففتق السماء ، وأنزل منها المطر ، وأخرج النبات .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم ابن جابر ، في قوله : ألاّ يَسْجُدُوا لِلّه الّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السّمَوَاتِ والأرْضِ ويعلم كلّ خفية في السموات والأرض .

حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أُسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله ، قال : رأيت ابن عباس على بغلة يسأل تبعا ابن امرأة كعب : هل سألت كعبا عن البذر تنبت الأرضُ العامَ لم يصب العام الاَخر ؟ قال : سمعت كعبا يقول : البذر ينزل من السماء ويخرج من الأرض ، قال : صدقت .

قال أبو جعفر : إنما هو تبيع ، ولكن هكذا قال محمد . وقيل : يخرج الخَبْءَ في السموات والأرض ، لأن العرب تضع «مِن » مكان «في » و «في » مكان «من » في الاستخراج ويَعَلَمُ ما تُخْفُونَ ومَا تُعْلِنُونَ يقول : ويعلم السرّ من أمور خلقه ، هؤلاء الذين زين لهم الشيطان أعمالهم والعلانية منها ، وذلك على قراءة من قرأ ألاّ بالتشديد . وأما على قراءة من قرأ بالتخفيف فإن معناه : ويعلم ما يسره خلقه الذين أمرهم بالسجود بقوله : «ألا يا هؤلاء اسجدوا » . وقد ذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ : «وألاّ تَسْجُدُوا لِلّهِ الّذِي يَعْلَمُ سرّكُمْ ومَا تُعْلِنُونَ » . )

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

وقوله { ألا يسجدوا } إلى قوله { العظيم } ظاهره أنه من قول الهدهد ، وهو قول ابن زيد وابن إسحاق ويعترض بأنه غير مخاطب ، فكيف يتكلم في معنى شرع ، [ ويحتمل أن يكون من قول سليمان لما أخبره الهدهد عن القوم ]{[9007]} ، ويحتمل أن يكون من قول الله تعالى اعتراضاً بين الكلامين وهو الثابت مع التأمل ، وقراءة التشديد في «ألاَّ » تعطي أن الكلام للهدهد ، وقراءة التخفيف تمنعه وتقوي الآخر حسبما يتأمل إن شاء الله ، وقرأ جمهور القراء «ألا يسجدوا » ف «أن » في موضع نصب على البدل من { أعمالهم } وفي موضع خفض على البدل من { السبيل } أو يكون التقدير لأن لا يسجدوا ف «أن » متعلقة إما ب «زين » وإما ب «صدهم » ، واللام الداخلة على «أن » داخلة على مفعول له{[9008]} ، وقرأ ابن عباس وأبو جعفر والزهري وأبو عبد الرحمن والحسن والكسائي وحميد : «ألا » على جهة الاستفتاح ووقف الكسائي من هذه الفرقة على يا ، ثم يبتدىء «اسجدوا »{[9009]} ، واحتج الكسائي لقراءته هذه بأنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه موضع سجدة .

قال القاضي أبو محمد : وهذه القراءة مقدر فيها النداء والمنادى محذوف تقديره إن جعلناه اعتراضاً يا هؤلاء ويجيء موضع سجدة ، وإن جعلناه من كلام الهدهد يا قوم أو يا عقلاء ونحو هذا ومنه قول الشاعر :

«ألا يا سلمي » يا دار ميَّ على البلا *** ولا زال منهلا بجرعائك القطر{[9010]}

ونحو قول الآخر وهو الأخطل : [ الطويل ]

ألا يا أسلمي يا هند هند بني بدر . . . وإن كان حيانا عدًى آخر الدهر{[9011]}

ومنه قول الآخر :

فقالت ألا يا اسمع أعظك بخطة . . . فقلت سمعنا فاسمعي واصمتي{[9012]}

ويحتمل قراءة من شدد : «ألاَّ » أن يجعلها بمعنى التخصيص ، ويقدر هذا النداء بعدها ويجيء في الكلام إضمار كثير ولكنه متوجه ، وسقطت الألف كما كتبت في يا عيسى ويا قوم ، وقرأ الأعمش «هل لا يسجدون » ، وفي حرف عبد الله بن معسود «ألا هل تسجدون » بالتاء ، وفي قراءة أبيّ : «ألا هل تسجدوا » بالتاء أيضاً ، و { الخبء } الخفي من الأمور وهو من خبأت الشيء ، و «خبء » السماء مطرها ، و «خبء » الأرض كنوزها ونباتها ، واللفظة بعد هذا تعم كل خفيّ من الأمور وبه فسر ابن عباس ، وقرأ جمهور الناس «الخبْء » بسكون الباء والهمز{[9013]} ، وقرأ أبي بن كعب «الخبَ ، بفتح الباء وترك الهمز ، وقرأ عكرمة » الخبا «بألف مقصورة ، وحكى سيبويه أن بعض العرب يقلب الهمزة إذا كانت في مثل هذا مفتوحة وقبلها ساكن يقلبها ألفاً ، وإذا كانت مضمومة وقبلها ساكن قلبها واواً ، وإذا كانت مكسورة قلبها ياء ومثل سيبويه ذلك بالوثا والوثو والوثي{[9014]} ، وكذلك يجيء { الخبء } في حال النصب وتقول اطلعت على الخبي وراقني الخبو وقرأ جمهور القراء » يخفون «و » يعلنون «بياء الغائب .

قال القاضي أبو محمد : وهذه القراءة تعطي أن الآية من كلام الهدهد ، وقرأ الكسائي وعاصم في رواية حفص «تخفون وما تعلنون » بتاء الخطاب ، وهذه القراءة تعطي أن الآية من خطاب الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي مصحف أبي بن كعب «ألا يسجدوا والله الذي يخرج الخبء من السماوات والأرض ويعلم سركم وما تعلنون » .


[9007]:ما بين العلامتين [.....] زيادة نقلناها عن القرطبي، لأنه نقل كلام ابن عطية وفيه هذه العبارة، أما الأصول التي بين أيدينا فقد خلت منها. وإن كان قول ابن عطية بعد ذلك:" وتقوي الآخر" يدل على أنه ذكر احتمالين فقط.
[9008]:وقيل: العامل فيها {لا يهتدون} أي: لا يهتدون أن يسجدوا، وعلى هذا القول تكون (لا) زائدة، كقوله تعالى: {ما منعك ألا تسجد} أي: ما منعك أن تسجد، وعلى هذه القراءة فليست هذه الآية بموضع سجدة، لأنها خبر عنهم بترك السجود، إما بالتزيين أو بالصد أو بمنع الاهتداء.
[9009]:وتكون [ألا] للاستفتاح، و [يا] حرف نداء، والمنادى محذوف، والتقدير: ألا يا قوم: اسجدوا، أو: ألا يا هؤلاء اسجدوا، و [اسجدوا] فعل أمر وسقطت ألف الوصل في [اسجدوا]، وكتبت الياء من [يا] متصلة بالسين بعد أن سقطت الألف منها، والسبب في سقوط الألفين – ألف الوصل وألف النداء- في الخط هو سقوطهما لفظا، (راجع الألوسي والبحر).
[9010]:البيت لذي الرمة، والجرعاء: الأرض الرملة السهلة المستوية الطيبة المنبت التي لا وعوثة فيها، يدعو لها بالري والسقيا الدائمة بعد السلامة من الفناء، والشاهد هنا أن حرف النداء دخل على منادى محذوف، والتقدير: ألا يا هذه أسلمي، و (اسلمي) فعل أمر، تماما كما حذف المنادى في الآية الكريمة في قراءة [ألا] بالتخفيف، وجيء بفعل الأمر: [اسجدوا].
[9011]:البيت في (اللسان- عدا) منسوبا أيضا إلى الأخطل التغلبي الشاعر الأموي، واللسان يستشهد به على أن العدى بمعنى الأعداء، ونقل عن ابن الأعرابي قوله: العدى: التباعد، وقوم عدى: إذا كانوا متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف، وقوم عدى: إذا كانوا في حرب، وأكثر من الكلام في ضبط العين من عدى. والشاعر يدعو لهند بالسلامة على الرغم مما بين الحيين من عداوة دائمة إلى آخر الزمن. والشاهد الذي قصده ابن عطية هنا هو حذف المنادى تماما كما في بيت ذي الرمة.
[9012]:الوعظ: النصح والتذكير بالعواقب، وفي الحديث: (لأجعلنك عظة) أي موعظة وعبرة لغيرك، والشاهد فيه هنا هو حذف المنادى، كما حذف في البيتين السابقين وفي الآية الكريمة، والتقدير: يا هذا، ثم جيء بعده بفعل الأمر (اسمع). وهذا التركيب كثير في كلام العرب، ومنه قول الشاعر: ألا يا اسلمي ذات الدمالج والعقد وقول آخر: ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال قال الفراء: وسمعت بعض العرب يقول: "ألا يا ارحمانا، ألا يا تصدقا"، وفي كل هذه الأمثلة يكون المنادى محذوفا وما بعده فعل أمر، وأنشد سيبويه: يا لعنة الله والأقوام كلهم والصالحين على سمعان من جار والشاهد فيه حذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه، والمعنى: يا قوم أو يا هؤلاء، لعنة الله على سمعان، ولهذا رفع "لعنة" بالابتداء، ولو أوقع الشاعر النداء عليها لنصبها. ونقل الكسائي عن عيسى الهمداني قال: ما كنت أسمع المشيخة يقرؤونها- يريد الآية الكريمة- إلا بالتخفيف على نية الأمر، وقراءة عبد الله {هلا تسجدون} بالتاء حجة لمن خفف. ومع ذلك فإن أبا حيان الأندلسي ينفي أن تكون الياء في كل هذه الأمثلة للنداء مع حذف المنادى، إذ لا يجوز حذف المنادى هنا بعد أن حذف الفعل العامل في النداء وانحذف فاعله لحذفه، ولو حذفنا بعد ذلك المنادى لكان في ذلك حذف جملة النداء ومتعلقه، وفي هذا إخلال كبير، ولهذا كله فإنه يرى أن (يا) في هذه الأمثلة حرف تنبيه أكد به (ألا) التي للتنبيه أيضا، وجاز ذلك لاختلاف الحرفين.
[9013]:العبارة في الأصول: "بسكون الباء والهمز"، ولما كان من الممكن أن يفهم منها أن الكلمة بسكون الباء وسكون الهمز آثرنا زيادة الباء على كلمة (الهمز) حتى يتضح المقصود مباشرة وهو أن الكلمة بالهمز لا بغير همز.
[9014]:في (اللسان): الوثي: الضرب حتى يرهص اللحم ويصل الضرب إلى العظم من غير كسر. وما بين العلامتين [....] زدناه ليستقيم كلام سيبويه؛ حيث أن الأمثلة التي أوردها تقتضي وجود هذه الزيادة، ولأن القاعدة تطرد مع الحروف الثلاثة: الألف والواو والياء.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

وقوله : { ألا يسجدوا } قرأه الجمهور بتشديد اللام على أنه مركب في الخط من ( أَنْ ) و ( لاَ ) النافية كتبتا كلمة واحدة اعتباراً بحالة النطق بها على كل المعاني المرادة منها . و { يسجدوا } فعل مضارع منصوب . ويقدر لاَم جر يتعلق ب { صدَّهم عن السبيل } أي صدهم لأجل أن لا يسجدوا لله ، أي فسجدوا للشمس .

ويجوز أن يكون المصدر المسبوك من { ألا يسجدوا } بدل بعض من { أعمالهم } وما بينهما اعتراض .

وجُوز أن يكون { ألاّ } كلمة واحدة بمعنى ( هلاّ ) فإن هاءها تبدل همزة . وجَعْل { يسجدوا } مركباً من ياء النداء المستعملة تأكيداً للتنبيه وفعللِ أمر من السجود كقول ذي الرمة :

أَلاَ يا اسلمي يا دَار مَيَّ على البِلَى

وهو لا يلائم رسم المصحف إلا أن يقال : إنه رسم كذلك على خلاف القياس . وقرأ الكسائي بتخفيف اللام على أنها ( أَلاَ ) حرفُ الاستفتاح ويتعين أن يكون { يسجدوا } مركباً من ياء النداء وفعل الأمر ، كما تقدم وفيه ما تقدم . والوقف في هذه على ( أَلاَ ) .

وتزيين الأعمال تقدم في أول السورة عند قوله تعالى : { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زَّيَّنا لهم أعمالهم فهم يعمهون } [ النمل : 4 ] . وإسناده هنا للشيطان حقيقي و { السبيل } مستعار للدين الذي باتباعه تكون النجاة من العذاب وبلوغ دار الثواب .

و { الخبء } : مصدر خبأ الشيء إذا أخفاه . أطلق هنا على اسم المفعول ، أي المَخبوء على طريقة المبالغة في الخفاء كما هو شأن الوصف بالمصدر . ومناسبة وقوع الصفة بالموصول في قوله : { الذي يخرج الخبء } لحالة خبر الهدهد ظاهرة لأن فيها اطلاعاً على أمر خفِي . وإخراج الخبء : إبرازه للناس ، أي إعطاؤه ، أي إعطاء ما هو غير معلوم لهم من المطر وإخراج النبات وإعطاء الأرزاق ، وهذا مؤذن بصفة القدرة . وقوله : { ويعلم ما يخفون وما يعلنون } مؤذن بعموم صفة العلم .

وقرأ الجمهور : { يخفون . . . ويعلنون } بياء الغيبة . وقرأه الكسائي وحفص عن عاصم بتاء الخطاب فهو التفات .