معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

وقوله : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ25 } تقرأ { أَلاَّ يَسْجُدُواْ } ويكون { يَسجْدوا } في موضع نصب ، كذلك قرأها حمزة . وقرأها أبو عبد الرحمن السُّلمى والحسن وحُميد الأعرج مخفّفة ( ألاَ يَسْجُدُوا ) على معنى أَلاَ يا هؤلاء اسْجُدُوا فيضمر هؤلاء ، ويكتفي منها بقوله ( يا ) قال : وسَمعت بعض العرب يقول : أَلاَ يا ارحمانا ، أَلاَ يا تصدَّقا علينا قال : يعنيني وزميلي .

وقال الشاعر - وهو الأخطل -

أَلاَ يا اسلمى يا هند هندَ بنى بَدْر *** وإن كان حَيَّانا عِدىً آخِر الدهر

حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني بعض المشيخة - وهو الكسائي - عن عيسَى الهَمْداني قال : ما كنت أسْمع المشيخة يقرءونها إلاّ بالتخفيف على نيّة الأمر . وهي في قراءة عبد الله ( هَلاّ تسجدونَ لله ) بالتاء فهذه حُجّة لمنْ خفّف . وفي قراءة أُبَيَّ ( أَلاَ تسجدونَ لله الذي يعلم سِرَّكم وما تَعلِنُون ) وهو وجه الكلام لأنها سَجدة ومن قرأ { أَلاَّ يَسْجُدُوا } فشدَّد فَلاَ ينبغي لها أن تكون سَجدة ؛ لأن المَعْنَى : زين لهم الشيطان أَلاَّ يَسْجُدُوا والله أعلم بذلكَ .

وقوله { يُخْرِجُ الْخَبْءَ } مهموز . وهو الغيب غيبُ السَّموات وغيب الأرض . ويقال : هو الماء الذي يَنزل منَ السَّماء والنبت من الأرض وهي في قراءة عبد الله ( يخرج الخَبْءَ منَ السَّمواتِ ) وصلحت ( في ) مكان ( من ) لأنك تقول : لأستخرجنّ العِلم الذي فيكم منكم ، ثم تحذف أيَّهما شئت أعنى ( من ) وَ ( في ) فيكونُ المعْنى قائما على حالِهِ .