تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (25)

[ الآية 25 ] وقوله تعالى : { ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء } اختلف في تلاوته بالتخفيف والتشديد{[14981]} .

فمن قرأ بالتشديد { ألاَّ } فهو يخرج على وجهين :

أحدهما : على طرح : لا ، كأنه يقول : فهم لا يهتدون أن يسجدوا ، أي هم لا يهتدون أن يسجدوا .

والثاني : [ على ]{[14982]} صلة قوله : { فصدهم عن السبيل } لئلا يسجدوا .

ومن قرأ بالتخفيف فهو يخرج على الأمر ، أي ألا يا اسجدوا لله{[14983]} .

وقال بعضهم : ألا بالتخفيف : هلا يسجدون لله . وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود أنه قرأ : هلا يسجدون لله ، وهو حجة من قرأ بالتخفيف . وفي حرف أبي : ألا تسجدون لله بالتاء على المخاطبة على قوله : { ويعلم ما تخفون وما تعلنون } .

وذكر في حرف حفصة : ألا تسجدون بالنون .

قال الكسائي : ومن شدَّد { ألاّ } فتأويله : زين لهم الشيطان ألا يسجدوا على ما ذكرنا . وأما التخفيف فهو على وجه الأمر ، أي اسجدوا ، وألاَ : صلة ، ويا : صلة أيضا .

ثم قال بعضهم : من قرأ بالتخفيف يلزمه السجود لأنه لا يحتمل أن يلزم السجود بما يأمر غيره بالسجود ، ولا يلزم في ما يخبر عنهم أنهم لا يسجدون . بل لزوم السجود في ما يخبر أنهم لا يسجدون أولى خلافا لصنيعهم وإظهارا للطاعة لله في ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { يخرج الخبء في السماوات والأرض } الخبء ما يخبأ من الشيء مما{[14984]} كان . قال بعضهم : خبأ في السماء المطر ، فيخرج ، وفي الأرض النبات ، فيخرج ذلك النبت . ويحتمل الخبء ما يخبئ بعضهم من بعض ، ويسار{[14985]} بعضهم بعضا . يخبر أنه يظهر ذلك ، ويعلنه{[14986]} . ألا ترى أنه قال : { ويعلم ما تخفون وما تعلنون } على الوعيد ليكونوا على حذر أبدا ؟ وفي حرف حفصة : ألا يسجدون لله الذي يعلم غيب السماوات والأرض .


[14981]:- انظر معجم القراءات القرآنية ج4/346 و347.
[14982]:- ساقطة من الأصل وم.
[14983]:- أدرجت العبارة التالية في نسخة الحرم المكي: ينبغي على التالي أن يقف على قوله: ألا يا، ثم يبتدئ، فيقول: اسجدوا على الأمر، إلا أنه عند الوصل تذهب ألف الوصل التي في: اسجدوا، وتذهب الألف التي في: يا لأنها ساكنة أيضا، ولا يجمع بين ساكنين، فصارت: ألا يسجدوا، وأنشد لذي الرمة: ألا يا اسلمي يا دار مي على البلــى * * * * ولا زال منــهلا بجــرعــائـك الـــقطــر انظر الديوان ج1/559.
[14984]:- من م، في الأصل: ما.
[14985]:- في الأصل وم: ويسر.
[14986]:- في الأصل وم: ويعلمه.