في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

124

إنه ليس على المؤمن إلا أن يستقيم على طريقته ، وأن يعتز بالحق المستمد مباشرة من ربه ، وبالعلامة التي يضعها الله على أوليائه ، فيعرفون بها في الأرض :

( صبغة الله . ومن أحسن من الله صبغة ؟ ونحن له عابدون ) . .

صبغة الله التي شاء لها أن تكون آخر رسالاته إلى البشر . لتقوم عليها وحدة إنسانية واسعة الآفاق ، لا تعصب فيها ولا حقد ، ولا أجناس فيها ولا ألوان .

ونقف هنا عند سمة من سمات التعبير القرآني ذات الدلالة العميقة . . إن صدر هذه الآية من كلام الله التقريري : ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) . . أما باقيها فهو من كلام المؤمنين . يلحقه السياق - بلا فاصل - بكلام الباريء سبحانه في السياق . وكله قرآن منزل . ولكن الشطر الأول حكاية عن قول الله ، والشطر الثاني حكاية عن قول المؤمنين . وهو تشريف عظيم أن يلحق كلام المؤمنين بكلام الله في سياق واحد ، بحكم الصلة الوثيقة بينهم وبين ربهم ، وبحكم الاستقامة الواصلة بينه وبينهم . وأمثال هذا في القرآن كثير . وهو ذو مغزى كبير .