غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

135

{ صبغة الله } مصدر مؤكد منتصب عن قوله { آمنا بالله } مثل وعد الله قاله سيبويه وقيل : بدل من { ملة إبراهيم } أو نصب على الإغراء أي عليكم صبغة الله ، وفيما فك لنظم الكلام وإخراج له عن الالتئام . والصبغة فعلة من صبغ للحالة التي يقع عليها الصبغ كالجلسة . والمعنى تطهير الله لأن الإيمان يطهر النفس . وأصله أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه بالمعمودية ويقولون هو تطهير لهم وبه يصير الواحد منهم نصرانياً حقاً ، فأمر المسلمون أن يقولوا لهم آمنا وصبغنا الله بالإيمان صبغة لا مثل صبغتكم ، وذلك على طريق المشاكلة كما تقول لمن يغرس الأشجار اغرس كما يغرس فلان تريد رجلاً يصطنع الكرام ، ونظيره قوله { إنما نحن مستهزءون الله يستهزئ بهم } [ البقرة : 15 ] وقيل : اللفظة من قولهم " فلان يصبغ فلاناً في الشر " أي يدخله فيه ويلزمه إياه كما يجعل الصبغ لازماً للثوب . وقيل : سمي الدين صبغة لظهور هيئته عند صاحبه . { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } [ الفتح : 29 ] " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " وقيل : وصف هذا الإيمان منهم بأنه صبغة الله ليبين أن المباينة بينه وبين غيره ظاهرة جلية يدركها كل ذي حس سليم كما يدرك الألوان . وقيل : صبغة الله فطرته . أقول : وذلك أن آثار النقص الإمكاني لازمة للإنسان لزوم الصبغ للثوب ، فيمكنه أن يتدرج منها إلى وجود الصانع والإيمان به . وقيل : صبغة الله الختان . وقيل : حجة الله . وقيل : سنة الله .

{ ومن أحسن من الله صبغة } معنى الاستفهام الإنكار وصبغة تمييز أي لا صبغة أحسن من الإيمان بالله والدين الذي شرع لكم ليطهركم به من أوضار الكفر وأوزار الشرك . { ونحن له عابدون } عبارة عن كمال الإيمان كما تقدم مراراً .