الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

ثم قال تعالى( {[4371]} ) : ( صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنَ اَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ )[ 137 ] . " صبغة( {[4372]} ) " منصوب على البدل من ( مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ )/فيكون المعنى : " بل صبغة الله " ، وذلك/أن النصارى إذا أرادت( {[4373]} )/أن تنصر أطفالها جعلتهم في ماء لهم يزعمون أن ذلك تقديس " لهم بمنزلة الختانة لأهل الإسلام ، ويقولون : إن ذلك صبغة لهم في النصرانية( {[4374]} ) . فلما قالوا للمسلمين : ( كُونُوا هُوداً اَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ) قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم : بل ننتبع ملة إبراهيم ، صبغة الله التي هي أحسن الصبغ وهي الحنيفية المسلمة ، لا ما تغمسون فيه أبناءكم .

وأجاز الكسائي نصبه على الإغراء والتقدير : الزموا تطهير الله بالإسلام لا ما( {[4375]} ) تفعله اليهود والنصارى( {[4376]} ) .

وقيل : هو محمول على المعنى لأن معنى : ( وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ونحن متبعون صبغة الله .

وقال قتادة : ( صِبْغَةَ اللَّهِ ) : " دين الله " . وكذا قال ابن عباس وغيره( {[4377]} ) .

قال قتادة : " إن اليهود تصبغ أولادها يهوداً ، والنصارى تصبغ أولادها نصارى ، وإن صبغة الله الإسلام ، فلا صبغة أحسن من الإسلام/ ولا أطهر( {[4378]} ) ، وهو دين الله الذي بعث به نوحاً والأنبياء بعده صلوات الله عليهم( {[4379]} ) " .

وقال مجاهد : " صبغة الله : فطرة الله ؛ وهي فطرة الإسلام التي فطر الناس عليها( {[4380]} ) " . والفطرة ابتداء ما خلق عليه الخلق وهو الإسلام ، ثم غيّروا دين أنبيائهم بدين آخر( {[4381]} ) .

وأصل الصبغ حدوث شيء فكأنهم أحدثوا ديناً( {[4382]} ) غير ما خلقوا عليه( {[4383]} ) . وقوله : ( وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) [ 137 ] ، أي : خاضعون في اتباع أمره وتصديق كتبه ورسله .


[4371]:- سقط من ع3.
[4372]:- سقط من ع3.
[4373]:- في ق: أردت. وهو تحريف.
[4374]:- انظر: معاني الفراء 1/82-83، وأسباب النزول 45.
[4375]:- سقط من ع3.
[4376]:- انظر: الكتاب 1/382، والمكتفى 176-177، وتفسير القرطبي 2/144.
[4377]:- انظر: تفسير الثوري 49-50، ومعاني الأخفش 2/144، وتفسير الغريب 64، والدر المنثور 1/340.
[4378]:- في ع1: أظهر.
[4379]:- انظر: جامع البيان 3/119، وتفسير القرطبي 2/144.
[4380]:- انظر: تفسيره 1/89.
[4381]:- انظر: هذا التوجيه في مجاز القرآن 1/59. وهو معنى قول الزجاج في تفسير القرطبي 2/144.
[4382]:- في ع2، ع3: دين. وهو خطأ.
[4383]:- انظر: اللسان 2/407.