فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

{ صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون } .

{ صبغة الله } الخطاب للمسلمين أي قولوا للنصارى المقالة والمعنى صبغنا الله بالإيمان ، قال الأخفش وغيره : أي دين الله وهي فعلة من صبغ كالجلسة من جلس وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ ، والمعنى تطهير الله ، لأن الإيمان يطهر النفوس ، انتهى وقال ابن عباس : دين الله وقال مجاهد : فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وأخرج ابن مردوية والضياء في المختارة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بني إسرائيل قالوا يا موسى هل يصبغ ربك ؟ . فقال : اتقوا الله ، فناداه ربه يا موسى سألوك هل يصبغ ربك فقل نعم أنا أصبغ الألوان الأحمر والأبيض والأسود والألوان كلها في صبغتي . وأنزل الله على نبيه { صبغة الله } الآية ، وعنه صبغة الله البياض .

وقد ذكر المفسرون أن أصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء وهو الذي يسمونه المعمودية ويجعلون ذلك تطهيرا لهم ، فإذا فعلوا ذلك قالوا الآن صار نصرانيا حقا ، فرد الله عليهم بقوله { صبغة الله } أي الإسلام ولا صبغة أحسن من صبغة الإسلام ولا أطهر وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن كان بعده من الأنبياء ، وسماه صبغة استعارة قال البغوي : إطلاق مادة لفظ الصبغ على التطهير مجاز تشبيهي ، وتقرير المشاكلة هنا مبسوط في التلخيص وشرحه للسعد ، وقيل الصبغة الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام بدلا من معمودية النصارى{[138]} ، ذكره الماوردي وقيل الصبغة الختان لأنه يصبغ المختتن بالدم ، وقيل الصبغة سنة الله .

{ ومن أحسن من الله صبغة } أي دينا وقيل تطهيرا لأنه يطهر من أوساخ الكفر { ونحن له عابدون } أي مطيعون .


[138]:روى أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن ثمامة الحنفي أسر فمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث به إلى حائط طلحة فأمره أن يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسن إسلام صاحبكم.