التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

قوله تعالى : { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ) المراد بالصبغة هنا الإسلام وهو دين الله الحق القائم على الفطرة والحنيفية . وقد سمي بذلك على سبيل الاستعارة والمجاز ؛ وذلك لبدوّ مظاهره وأعماله على الإنسان المتدين كما يبدو أثر الصبغ على الثوب ، فالمتدين يتجلى في أفعاله وأقواله كل معاني الدين ومظاهره ، وهو في جميع سلوكه وتصرفاته الشكلية والمظهرية والعملية إنما يسير على هدى من الدين وما يحتويه من مبادئ وقيم . وقوله : ( صبغة ) منصوب على المفعولية لفعل محذوف تقديره الزموا أو اتبعوا وقيل : منصوب على الإغراء ؛ أي عليكم صبغة الله . وقيل : بدل من ملة{[144]} .

قوله : ( ومن أحسن من الله صبغة ) ( ومن ) اسم استفهام في محل رفع على الابتداء ، ( أحسن ) خبر مرفوع ، ( صبغة ) منصوب على التمييز . وذلك سؤال إنكاري . أي ليس من صبغة أحسن من صبغة الله . ليس من دين ولا ملة ولا عقيدة ولا رسالة عرفتها البشرية خير من الإسلام . لا جرم أن الإسلام خير ما عرفت الدنيا من عقائد وملل ومبادئ . وذلك بما يتميز به الإسلام من خصائص عظيمة تخلو منها عامة المذاهب والعقائد والتصورات الأخرى . وبذلك يندد الله تنديدا بالذين يصطنعون لأنفسهم صبغة غير صبغة الإسلام ، كالذين ينتحلون الشرائع والمذاهب والأفكار الضالة يختلقونها من عند أنفسهم لتكون بديلا عن صبغة الله وهي الإسلام . وأيما اختلاق مقبوح كهذا فإنه الكفران والاستكبار والتمرد على الله ، والعياذ بالله .

قوله : { ونحن له عابدون } جملة إسمية مبتدأها الضمير ( ونحن ) وخبره ( عابدون ) أما الواو فهي عطف على قوله ( آمنا بالله ) كذلك يقول المؤمنون الصادقون فهم يقرون أنهم عابدون لله ، ماضون على منهجه الثابت القويم ليظلوا على الدوام عابدين لله ممتثلين لأمره خاضعين لسلطانه وجبروته .


[144]:- اليبان للأنباري جـ 1 ص 126.