تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

{ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا ْ } طويلا { مِنْ قَبْلِهِ ْ } أي : قبل تلاوته ، وقبل درايتكم به ، وأنا ما خطر على بالي ، ولا وقع في ظني .

{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ْ } أني حيث لم أتقوله في مدة عمري ، ولا صدر مني ما يدل على ذلك ، فكيف أتقوله بعد ذلك ، وقد لبثت فيكم عمرا طويلا تعرفون حقيقة حالي ، بأني أمي لا أقرأ ولا أكتب ، ولا أدرس ولا أتعلم من أحد " ؟

فأتيتكم بكتاب عظيم أعجز الفصحاء ، وأعيا العلماء ، فهل يمكن -مع هذا- أن يكون من تلقاء نفسي ، أم هذا دليل قاطع أنه تنزيل من حكيم حميد ؟

فلو أعملتم أفكاركم وعقولكم ، وتدبرتم حالي وحال هذا الكتاب ، لجزمتم جزما لا يقبل الريب بصدقه ، وأنه الحق الذي ليس بعده إلا الضلال ، ولكن إذ  أبيتم{[394]} إلا التكذيب والعناد ، فأنتم لا شك أنكم ظالمون .


[394]:- في ب: إذا.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

1

( قل : لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به . فقد لبثت فيكم عمرا من قبله . أفلا تعقلون ? ) .

إنه وحي من الله ، وتبليغه لكم أمر من الله كذلك . ولو شاء الله ألا أتلوه عليكم ما تلوته ، ولو شاء الله ألا يعلمكم به ما أعلمكم . فالأمر كله لله في نزول هذا القرآن وفي تبليغه للناس . قل لهم هذا . وقل لهم : إنك لبثت فيهم عمرا كاملا من قبل الرسالة . أربعين سنة . فلم تحدثهم بشيء من هذا القرآن . لأنك لم تكن تملكه . لم يكن قد أوحي إليك . ولو كان في استطاعتك عمل مثله أو أجزاء منه فما الذي أقعدك عمرا كاملا ?

ألا إنه الوحي الذي لا تملك من أمره شيئا إلا البلاغ . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

ثم قال محتجا عليهم في صحة ما جاءهم به : { قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ } أي : هذا إنما جئتكم به عن إذن الله لي في ذلك ومشيئته وإرادته ، والدليل على أني لست أتقوله من عندي ولا افتريته{[14101]} أنكم عاجزون عن معارضته ، وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل ، لا تنتقدون علي شيئا تَغمصوني به ؛ ولهذا قال : { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ } أي : أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل ؛ ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا{[14102]} سفيان ومن معه ، فيما سأله من صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : هل{[14103]} كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال أبو سفيان : فقلت : لا - وقد كان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين ، ومع هذا اعترف{[14104]} بالحق :

وَالفَضْلُ ما شَهدَتْ به الأعداءُ . . .

فقال له هرقل : فقد أعرف{[14105]} أنه لم يكن ليدَعَ الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله{[14106]} . !

وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة : بعث الله فينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته ، وقد كانت مدة مقامه ، عليه السلام ، بين أظهرنا{[14107]} قبل النبوة أربعين سنة . وعن سعيد بن المسيب : ثلاثا وأربعين سنة . والصحيح المشهور الأول .


[14101]:- في ت : "أفتريه" ، وفي أ : "أقربه".
[14102]:- في ت : "لأبي".
[14103]:- في ت : "فهل".
[14104]:- في ت : "أعرف".
[14105]:- في ت : "أعترف".
[14106]:- في ت ، أ : "ربه".
[14107]:- في ت ، أ : "أضهرهم".