تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (123)

{ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ْ }

أي : { لَيْسَ ْ } الأمر والنجاة والتزكية { بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ْ } والأماني : أحاديث النفس المجردة عن العمل ، المقترن بها دعوى مجردة لو عورضت بمثلها لكانت من جنسها . وهذا عامّ في كل أمر ، فكيف بأمر الإيمان والسعادة الأبدية ؟ !

فإن أماني أهل الكتاب قد أخبر الله بها أنهم قالوا : { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ْ } وغيرهم ممن ليس ينتسب لكتاب ولا رسول من باب أولى وأحرى .

وكذلك أدخل الله في ذلك من ينتسب إلى الإسلام لكمال العدل والإنصاف ، فإن مجرد الانتساب إلى أي دين كان ، لا يفيد شيئا إن لم يأت الإنسان ببرهان على صحة دعواه ، فالأعمال تصدق الدعوى أو تكذبها ولهذا قال تعالى : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ْ } وهذا شامل لجميع العاملين ، لأن السوء شامل لأي ذنب كان{[242]} .

من صغائر الذنوب وكبائرها ، وشامل أيضا لكل جزاء قليل أو كثير ، دنيوي أو أخروي .

والناس في هذا المقام درجات لا يعلمها إلا الله ، فمستقل ومستكثر ، فمن كان عمله كله سوءا وذلك لا يكون إلا كافرا . فإذا مات من دون توبة جوزي بالخلود في العذاب الأليم .

ومن كان عمله صالحا ، وهو مستقيم في غالب أحواله ، وإنما يصدر منه بعض الأحيان بعض الذنوب الصغار فما يصيبه من الهم والغم والأذى و [ بعض ]{[243]}

الآلام في بدنه أو قلبه أو حبيبه أو ماله ونحو ذلك - فإنها مكفرات للذنوب ، وهي مما يجزى به على عمله ، قيضها الله لطفا بعباده ، وبين هذين الحالين مراتب كثيرة .

وهذا الجزاء على عمل السوء العام مخصوص في غير التائبين ، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، كما دلت على ذلك النصوص .

وقوله : { وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ْ } لإزالة بعض ما لعله يتوهم أن من استحق المجازاة على عمله قد يكون له ولي أو ناصر أو شافع يدفع عنه ما استحقه ، فأخبر تعالى بانتفاء ذلك ، فليس له ولي يحصل له المطلوب ، ولا نصير يدفع عنه المرهوب ، إلا ربه ومليكه .


[242]:- كذا في ب، وفي أ: لأي سوء كان.
[243]:- زيادة من هامش ب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (123)

ثم بين - سبحانه - أن الوصول إلى رضوانه لا يكون بالأمانى والأوهام وإنما يكون بالإِيمان والعمل الصالح فقال : { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } .

والأمانى : جمع أمنية . وهى ما يتمناه الإِنسان ويرغب فيه ويشتهيه من أشياء متنوعة . كحصوله على الخير الوفير فى الدنيا ، وعلى الجنة فى الآخرة . وهى مأخوذة من التمنى .

وقد روى المفسرون فى سبب نزول هذه الآية روايات منها قول قتادة : ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا . فقال أهل الكتاب . نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى منكم . وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ، ونبينا خاتم النبيين . وكتابنا يقضى على الكتب التى كانت قبله . فأنزل الله : { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب } . الآية .

وقال مجاهد : قالت العرب لن نبعث ولن نعذب . وقالت اليهود والنصارى { لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نصارى } فأنزل الله - تعالى - { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } . الآية .

والضمير فى قوله { لَّيْسَ } يعود إلى ما تقدم ذكره من الوعد المتقدم وهو نيل الثواب ودخول الجنة .

والخطاب لجميع الفرق التى حدث بينهما تنازع فى شأن الدين الحق ، وفى شأن ما يترتب على ذلك من ثواب .

والمعنى : ليس ما وعدا لله به من الثواب أو إدخال الجنة ، أو ليس ما تحاورتم فيه حاصلا بمجرد أمانكم - أيها المسلمون - أو أمانى أهل الكتاب أو غيرهم ، وإنما ما تمنيتموه جميعا يحصل بالإِيمان الصادق ، وبالعمل الصالح ، وبالسعى والجد فى طاعة الله ، فقد اقتضت سنة الله - تعالى - أن من يعمل خيرا يجد خيرا ، و { مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ } أى : من يرتكب معصية مؤمنا كان أو كافرا يجازه الله بها عاجلا أو آجلا إذا تاب ، أو تفضل الله عليه بالمغفرة إذا كان مؤمنا .

وقد سار ابن كثير فى تفسيره على أن الخطاب لجميع الطوائف فقال : " والمعنى فى هذه الآية أن الدين ليس بالتحلى ولا بالتمنى ، ولكن ما وقر فى القلوب وصدقته الأعمال . وليس كل من ادعى شيئا حصل له بمجرد دعواه ، ولا كل من قال إنه على الحق سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من الله برهان ؛ ولهذا قال : { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب } .

أى ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمنى . بل العبرة بطاعة الله - سبحانه - واتباع ما شرعه على ألسنة رسله ولهذا قال بعده { مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ } . كقوله : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } ومنهم من يرى أن الخطاب فى قوله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } للمسلمين .

وقد أشار إلى ذلك صاحب الكشاف بقوله : فى { لَّيْسَ } ضمير وعد الله أى : ليس ينال ما وعد الله من الثواب { بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا } بأمانى أهل الكتاب . والخطاب للمسلمين ، لأنه لا يتمنى وعد الله إلا من آمن به . وكذلك ذكر أهل الكتاب معهم لمشاركتهم لهم فى الإيمان بوعد الله .

ومنهم من يرى أن الخطاب للمشركين . وقد رجح ذلك ابن جرير فقال ما ملخصه : وأولى الأقوال بالصواب فى ذلك ما قاله مجاهد من أنه عنى بقوله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } . مشركى قريش . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب . لأن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآى قبل قوله { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } وإنما جرى ذكر أمانى نصيب الشيطان المفروض فى قوله قبل ذلك . { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ } وقوله { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ } فإلحاق معنى قوله - تعالى - { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } بما ذكره قبل أحق وأولى من ادعاء تأويل فيه لا دالة عليه من ظاهر التنزيل ، ولا من أثر الرسول صلى الله عليه وسلم .

ومع وجاهة هذا الرأى الذى سار عليه ابن جرير ، إلا أنا نؤثر عليه ما ذهب إليه ابن كثير من أن الآية الكريمة تخاطب الناس جميعا سواء أكانوا مؤمنين أم مشركين أم من أهل الكتاب . لأن الآية الكريمة تضع لهم جميعا قاعدة عامة وهى أن الوصول إلى ثواب الله ورضاه لا ينال بالأمانى والأحلام وإنما ينال بالإِيمان والعمل الصالح .

وقوله { مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ } جملة مكونة من شرط وجزاء . والمراد بالسوء ما يشمل الكفر والمعاصى . وقيل : المراد بالسوء هنا الكفر فقط .

قال الآوسى قوله - تعالى - : { مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ } أى : عاجلا أو آجلا .

فقد أخرج الترمذى وغيره " عن أبى بكر الصديق قال : كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية . فقال رسول الله : يا أبا بكر ألا أقرئك أية نزلت على ؟ فقلت : بلى يا رسول الله . فأقرأنيها فلا أعلم إلا أنى وجدت انفصاما فى ظهرى . . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . مالك يا أبا بكر ؟ قلت بأبى أنت وأمى يا رسول الله وأينا لم يعمل السوء . وإنما لمجزيون بكل سوء علمناه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك فى الدنيا حتى تلقوا الله - تعالى - ليس عليكم ذنوب . وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزون يوم القيامة " .

وأخرج مسلم وغيره عن أبى هريرة قال : " لما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله - تعالى - فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سددوا وقاربوا فإن كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها " .

قال الآلوسى : والأحاديث بهذا المعنى أكثر من أن تحصى . ولهذا أجمع عامة العلماء على أن الأمراض والاسقام ومصائب الدنيا وهمومها - وإن قلت مشقتها - يكفر الله - تعالى - بها الخطيئات ، والأكثرون على أنها - أيضا ترفع بها الدرجات ، وهو الصحيح المعول عليه . فقد صح فى غير ما طريق ؛ " ما من مسلم يشاك شكوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة " .

وقوله - تعالى - { بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } تذليل قصد به تأكيد ما قبله من أن ثواب الله لا ينال إلا بالإيمان والعمل الصالح ، وأن عقابه سيحل بمن يعمل السوء .

أى : أن من يعمل السوء سيجازى به ، ولا يجهد هذا المرتكب للسوء أحدا سوى الله - سبحانه - يلى أمره ويحامى عنه ، ولا نصيرا ينصره ويحاول إنجاءه من عقاب الله - تعالى –

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (123)

قال قتادة : ذُكرَ لنا أنّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا ، فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، فنحن أولى بالله منكم . وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم نبينا خاتم النبيين ، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله فأنزل الله : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ]{[8356]} } الآية . فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان .

وكذا روي عن السّدي ، ومسروق ، والضحاك وأبي صالح ، وغيرهم وكذا رَوَى العَوْفيّ عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : تخاصَمَ أهل الأديان فقال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء . وقال أهل الإنجيل مثل ذلك . وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام . وكتابنا نَسَخَ كلّ كتاب ، ونبينا خاتم النبيين ، وأُمرْتُم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا . فقضى الله بينهم فقال : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } وخَيَّر بين الأديان فقال : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ]{[8357]} } إلى قوله : { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا }

وقال مجاهد : قالت العرب : لن نبْعث ولن نُعذَّب . وقالت اليهود والنصارى : { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } [ البقرة : 111 ] وقالوا { لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] .

والمعنى في هذه الآية : أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني ، وليس كُلّ من ادعى شيئًا حصل له بمجرد دعواه ، ولا كل من قال : " إنه هو المُحق " سمع قوله بمجرد ذلك ، حتى يكون له من الله برهان ؛ ولهذا قال تعالى : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي : ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني ، بل العبرة بطاعة الله ، واتباع ما شرعه على ألسنة رسله الكرام ؛ ولهذا قال بعده : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } كقوله { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 ، 8 ] .

وقد روي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة . قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نُمَيْر ، حدثنا إسماعيل ، عن أبي بكر بن أبي زهير قال : أخْبرْتُ أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، كيف الصلاح بعد هذه الآية : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فَكُل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " غَفَر اللَّهُ لكَ يا أبا بكر ، ألستَ تَمْرضُ ؟ ألستَ تَنْصَب ؟ ألست تَحْزَن ؟ ألست تُصيبك اللأواء{[8358]} ؟ " قال : بلى . قال : " فهو ما تُجْزَوْنَ به " .

ورواه سعيد بن منصور ، عن خلف بن خليفة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . ورواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يَعلى ، عن أبي خَيْثَمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، به . ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري ، عن إسماعيل به{[8359]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن زياد الجصاص ، عن علي بن زيد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سُوءًا يُجْزَ بِهِ في الدنيا " {[8360]} .

وقال أبو بكر بن مَرْدُويه : حدثنا أحمد بن هُشَيْم بن جُهَيْمَة ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا زياد الجصاص ، عن علي بن زيد ، عن مجاهد قال : قال عبد الله بن عمر : انظروا المكان الذي به عبد الله بن الزبير مصلوبًا ولا تمرُّنَّ عليه . قال : فسها الغلام ، فإذا ابن عمر ينظر إلى ابن الزبير فقال : يغفر الله لك ثلاثًا ، أما والله ما علمتك إلا صوّامًا قوّامًا وصّالا{[8361]} للرحم ، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما أصبتَ ألا يعذبك الله بعدها . قال : ثم التفت إلي فقال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سوءًا في الدنيا يجز به " .

ورواه أبو بكر البزار في مسنده ، عن الفضل بن سهل ، عن عبد الوهاب بن عطاء ، به{[8362]} مختصرا . وقد قال في مسند ابن الزبير : حدثنا إبراهيم بن المستمر العُروفي{[8363]} حدثنا عبد الرحمن بن سليم بن حَيّان ، حدثني أبي ، عن جدي حيان بن بسطام ، قال : كنت مع ابن عمر ، فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب ، فقال : رحمك الله أبا خُبيب ، سمعت أباك - يعني الزبير - يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يعمل سوءًا يُجْزَ به في الدنيا والأخرى " ثم قال : لا نعلمه يروي عن الزبير إلا من هذا الوجه . {[8364]}

وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني مولى بن سِبَاع قال : سمعت ابن عمر يحدث ، عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، هل أقرئك آية نزلت علي ؟ " قال : قلت : بلى يا رسول الله . فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصَامًا في ظهري حتى تمطأت{[8365]} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مالك يا أبا بكر ؟ " قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، وأينا لم يعمل السوء ، وإنا لمجْزيُّون بكل سوء عملناه ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فَتُجْزَوْنَ بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ، وليس لكم ذنوب ، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة " .

وهكذا رواه الترمذي عن يحيى بن موسى ، وعبد بن حميد ، عن روح بن عبادة ، به . ثم قال : وموسى بن عبيدة يضعف ، ومولى بن سباع مجهول{[8366]} .

[ وقال ابن جرير : حدثنا الغلام ، حدثنا الحسين ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء بن أبي رباح قال : لمَّا نزلت قال أبو بكر : يا رسول الله ، جاءت قاصمة الظهر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما هي المصائب في الدنيا " ]{[8367]} .

طريق أخرى عن الصديق : قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق العسكري ، حدثنا محمد بن عامر السعدي ، حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن سليمان بن مهران ، عن مسلم بن صُبَيح ، عن مسروق قال : قال أبو بكر [ الصديق ]{[8368]} يا رسول الله ، ما أشد هذه الآية : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء " {[8369]} .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور قالا حدثنا زيد بن الحُبَاب ، حدثنا عبد الملك بن الحسن الحارثي ، حدثنا محمد بن زيد بن قُنْفُذ{[8370]} عن عائشة ، عن أبي بكر قال : لما نزلت : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قال أبو بكر : يا رسول الله ، كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال : " يا أبا بكر ، أليس يصيبك كذا وكذا ؟ فهو كفارة " {[8371]} .

حديث آخر : قال سعيد بن منصور : أنبأنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، أن يزيد بن أبي يزيد حدثه ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة : أن رجلا تلا هذه الآية : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فقال : إنا لنُجْزَى بكل عَمَل{[8372]} ؟ هلكنا إذًا . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " نعم ، يجزى به المؤمن في الدنيا ، في نفسه ، في جسده ، فيما يؤذيه " {[8373]} .

طريق{[8374]} أخرى : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سلمة بن بشير ، حدثنا هُشَيْم ، عن أبي عامر ، عن ابن أبي مُلَيْكة ، عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله ، إني لأعلم أشد آية في القرآن . فقال : " ما هي يا عائشة ؟ " قلت : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فقال : " هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النَّكْبَة يَنْكُبها " .

رواه ابن جرير من حديث هشيم ، به . ورواه أبو داود ، من حديث أبي عامر صالح بن رستم الخزاز{[8375]} به{[8376]} .

طريق أخرى : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } فقالت : ما سألني عن هذه الآية أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عائشة ، هذه مبايعة الله للعبد ، مما يصيبه من الحمى والنَّكْبَة والشوكة ، حتى البضاعة فيضعها في كُمِّه فيفزع لها ، فيجدها في جيبه ، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التِّبْرُ الأحمر من الكِير " {[8377]} .

طريق أخرى : قال ابن مَرْدُويه : حدثنا محمد بن أحمد بن{[8378]} إبراهيم ، حدثنا أبو القاسم ، حدثنا سُرَيج{[8379]} بن يونس ، حدثنا أبو معاوية ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن زيد بن المهاجر ، عن عائشة قالت : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قال : " إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الفَيْظ{[8380]} عند الموت " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كثرت ذنوب العبد ، ولم يكن له ما يكفرها ، ابتلاه الله بالحَزَن ليُكَفِّرها عنه " {[8381]} .

حديث آخر : قال سعيد بن منصور ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمر بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِن ، سمع محمد بن قيس بن مَخْرَمَة ، يخبر أن أبا هريرة ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } شَقّ ذلك على المسلمين ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سَدِّدوا وقاربوا ، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يُشَاكها ، والنَّكْبَة يَنْكُبُهَا " .

وهكذا رواه أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، ومسلم والترمذي والنسائي ، من حديث سفيان بن عيينة ، به{[8382]} ورواه ابن مَردُويه من حديث روح ومعتمر كلاهما ، عن إبراهيم بن يزيد{[8383]} عن عبد الله بن إبراهيم ، سمعت أبا هريرة يقول : لما نزلت هذه الآية : { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ، ما أبقت هذه الآية من شيء . قال : " أما والذي نفسي بيده إنّها لكما نزلت ، ولكن أبشروا وقاربوا وسَدِّدوا ؛ فإنه لا يصيب أحدًا منكم في الدنيا إلا كفَّر الله بها خطيئته ، حتى الشوكة يُشَاكها أحدكم في قدمه " {[8384]} .

وقال عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد وأبي هريرة : إنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب المؤمن من نَصب ولا وَصَب ولا سَقَم ولا حَزَن ، حتى الهم يُهَمّه ، إلا كُفّر به من سيئاته " أخرجاه{[8385]} .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سعد بن إسحاق ، حدثتني زينب بنت كعب بنُ عُجْرَة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ؟ ما لنا بها ؟ قال : " كفارات " . قال أبي : وإن قَلَّتْ ؟ قال : " وإن شوكة فما فوقها " قال : فدعا أبي على نفسه أنه لا يفارقه الْوَعْك حتى يموت ، في ألا يشغله عن حج ولا عمرة ، ولا جهاد في سبيل الله ، ولا صلاة مكتوبة في جماعة ، فما مسه إنسان إلا وجد حره ، حتى مات ، رضي الله عنه . تفرد به أحمد{[8386]} .

حديث آخر : روى ابن مردويه من طريق حسين بن واقد ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : قيل : يا رسول الله : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } ؟ قال : " نعم ، ومن يعمل حسنة يُجزَ بها عشرا . فهلك من غلب واحدته{[8387]} عشرًا " {[8388]} .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن وَكِيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن : { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } قال : الكافر ، ثم قرأ : { وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ } [ سبأ : 17 ] .

وهكذا رُوي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير : أنهما فسرا السوء هاهنا بالشرك أيضًا .

وقوله : { وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : إلا أن يتوب فيتوب الله عليه . رواه ابن أبي حاتم .

والصحيح أن ذلك عامٌّ في جميع الأعمال ، لما تقدم من الأحاديث ، وهذا اختيار ابن جرير ، والله أعلم .


[8356]:زيادة من ر، أ.
[8357]:زيادة من ر.
[8358]:في أ: "ألست يصيبك أذى".
[8359]:المسند (1/11) وسنن سعيد بن منصور برقم (696) وصحيح ابن حبان برقم (1734) "موارد" والمستدرك (3/74).
[8360]:المسند (1/6).
[8361]:في ر، أ: "وصولا".
[8362]:مسند البزار برقم (21)، وقال الدارقطني في العلل (4/223): "رواه زياد الجصاص واختلف عنه، فرواه عبد الوهاب بن عطاء عن زياد عن علي بن زيد عن مجاهد عن ابن عمر عن أبي بكر، وخالفه أبو عاصم العباداني فرواه عن زياد الجصاص عن سالم عن ابن عمر عن عمر، وليس فيه شيء يثبت".
[8363]:في ر، أ: "العوفي".
[8364]:مسند البزار برقم (962)، وقال الهيثمي في المجمع (7/12) "فيه عبد الرحمن بن سليم بن حيان ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"، والظاهر أنه عبد الرحيم، كما في العلل للدارقطني (4/223) حين سئل عن طريق سليم بن حيان عن أبيه عن ابن عمر فقال: يقوله عبد الرحمن بن سليم بن حيان عن أبيه عن ابن عمر، وقال مرة: عن أبيه عن نافع عن ابن عمر، وعبد الرحيم ضعيف، وزياد ضعيف".
[8365]:في ر، أ: "تمطأت لها".
[8366]:سنن الترمذي برقم (3039).
[8367]:زيادة من أ.
[8368]:زيادة من أ.
[8369]:ورواه أبو نعيم في الحلية (8/119) من هذا الطريق به، وفيه محمد السعدي كان يكذب ويضع.
[8370]:في أ: "نمير".
[8371]:تفسير الطبري (9/240).
[8372]:في أ: "عمل عملنا".
[8373]:سنن سعيد بن منصور برقم (699) ورواه أحمد في المسند (6/65) من طريق عبد الله بن وهب به.
[8374]:في أ: "حديث".
[8375]:في ر، أ: "الجزار".
[8376]:تفسير الطبري (9/246) وسنن أبي داود برقم (3093).
[8377]:مسند الطيالسي برقم (1584) ورواه أحمد في المسند (6/218) من طريق حماد بن سلمة به.تنبيه: وقع عند الطيالسي "معاتبة" بدل: "مبايعة" وعند أحمد "متابعة".
[8378]:في ر: "أبو".
[8379]:في ر، أ: "شريح".
[8380]:في ر: "الغيض"، وفي أ: "الغيط". الفيظ: خروج الروح.
[8381]:المسند (6/157).
[8382]:سنن سعيد بن منصور برقم (694) والمسند (2/248) وصحيح مسلم برقم (2574)، وسنن الترمذي برقم (5029)، وسنن النسائي الكبرى برقم (11122).
[8383]:في أ: "زيد".
[8384]:في إسناده إبراهيم بن يزيد الخوزمي ضعيف.
[8385]:صحيح البخاري برقم (5641، 5642). وصحيح مسلم برقم (2573).
[8386]:المسند (3/23)، ورواه أبو يعلى في مسنده (2/281) وقال الهيثمي في المجمع (2/301): "رجاله ثقات".
[8387]:في ر: "واحد" وفي أ: "واحدة".
[8388]:وإسناده ضعيف جدا كما سبق في المقدمة.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (123)

{ ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } أي ليس ما وعد الله من الثواب ينال بأمانيكم أيها المسلمون ، ولا بأماني أهل الكتاب ، وإنما ينال بالإيمان والعمل الصالح . وقيل ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل . روي أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا . فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولي بالله منكم ، وقال المسلمون : نحن أولى منكم نبينا خاتم النبيين ، وكتابنا يقضي على الكتب المتقدمة ) فنزلت . وقيل : الخطاب مع المشركين ويدل عليه تقدم ذكرهم أي : ليس الأمر بأماني المشركين ، وهو قولهم لا جنة ولا نار ، وقولهم إن كان الأمر كما يزعم هؤلاء لنكونن خيرا منهم وأحسن حالا ، ولا أماني أهل الكتاب وهو قولهم : { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } وقولهم : { لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } ثم قرر ذلك وقال : { من يعمل سوءا يجز به } عاجلا أو آجلا لما روي ( أنها لما نزلت قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : فمن ينجو مع هذا يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام : " أما تحزن أما تمرض أما يصيبك الأراء ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : هو ذاك ) . { ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا } ولا يجد لنفسه إذا جاوز موالاة الله ونصرته من يواليه وينصره في دفع العذاب عنه .