تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

{ 14-18 } { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

يخبر تعالى عن مقالة الأعراب ، الذين دخلوا في الإسلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دخولاً من غير بصيرة ، ولا قيام بما يجب ويقتضيه الإيمان ، أنهم ادعوا مع هذا وقالوا : آمنا أي : إيمانًا كاملاً ، مستوفيًا لجميع أموره هذا موجب هذا الكلام ، فأمر الله رسوله ، أن يرد عليهم ، فقال : { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا } أي : لا تدعوا لأنفسكم مقام الإيمان ، ظاهرًا ، وباطنًا ، كاملاً .

{ وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } أي : دخلنا في الإسلام ، واقتصروا على ذلك .

{ و } السبب في ذلك ، أنه { لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } وإنما آمنتم خوفًا ، أو رجاء ، أو نحو ذلك ، مما هو السبب في إيمانكم ، فلذلك لم تدخل بشاشة الإيمان في قلوبكم ، وفي قوله : { وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } أي : وقت هذا الكلام ، الذي صدر منكم فكان فيه إشارة إلى أحوالهم بعد ذلك ، فإن كثيرًا منهم ، من الله عليهم بالإيمان الحقيقي ، والجهاد في سبيل الله ، { وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } بفعل خير ، أو ترك شر { لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا } أي : لا ينقصكم منها ، مثقال ذرة ، بل يوفيكم إياها ، أكمل ما تكون لا تفقدون منها ، صغيرًا ، ولا كبيرًا ، { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } أي : غفور لمن تاب إليه وأناب ، رحيم به ، حيث قبل توبته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالرد على الأعراب الذين قالوا آمنا ، دون أن يدركوا حقيقة الإِيمان ، وبين من هم المؤمنون الصادقون .

فقال - تعالى - : { قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُل . . . بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } .

والإِعراب : اسم جنس لبدو العرب ، واحده أعرابى ، وهم الذين يسكنون البادية .

والمراد بهم هنا جماعة منهم لأكلهم ، لأن منهم ، { مَن يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ الله وَصَلَوَاتِ الرسول ألا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ الله فِي رَحْمَتِهِ } قال الآلوسى : قال مجاهد : نزلت هذه الآيات فى بنى أسد ، وهم قبيلة كانت تسكن بجوار المدينة ، أظهروا الإِسلام ، وقلوبهم دغلة ، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا . . ويروى أنهم قدموا المدينة فى سنة مجدبة ، فأظهروا الشهادتين ، وكانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جئناك بالأثقال والعيا ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان . . يمنون بذلك على النبى - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله - سبحانه - : { قَالَتِ الأعراب آمَنَّا } من الإِيمان ، وهو التصديق القلبى ، والإِذعان النفسى والعمل بما يقتضيه هذا الإِيمان من طاعة لله - تعالى - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله : { أَسْلَمْنَا } من الإِسلام بمعنى الاستسلام والانقياد الظاهرى بالجوارح ، دون أن يخالط الإِيمان شغاف قلوبهم . أى : قالت الأعراب لك - أيها الرسول الكريم - آمنا وصدقنا بقلبونا لكل ما جئت به ، وامتثلنا لما تأمرنا به وتنهانا عنه .

قل لهم { لَّمْ تُؤْمِنُواْ } أى : لم تصدقوا تصديقا صحيحا عن اعتقاد قلب وخلوص نية . .

{ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا } أى : ولكن قولوا نطقنا بكلمة الإِسلام : واستسلمنا لما تدعونا إليه إستسلاما ظاهريا طمعا فى الغنائم ، أو خفوا من القتل .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما وجه قوله - تعالى - : { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا } والذى يقتضيه نظم الكلام أن يقال : قل لا تقولوا آمنا ، ولكن قولوا أسلمنا . .

قلت : أفاد هذا النظم تكذيب دعواهم أولا ، ودفع ما انتحلوه ، فقيل : قل لم تؤمنوا ، وروعى فى هذا النوع من التكذيب أدب حسن حين لم يصرح بلفظه ، حيث لم يقل : كذبتم ، ووضع ، " لم تؤمنوا " الذى هو نفى ما ادعوا إثباته موضعه . .

واستغنى بالجملة التى هى " لم تؤمنوا " عن أن يقال : لا تقولوا آمنا ، لاستهجان أن يخاطبوا بلفظ مؤداه النهى عن القول بالإِيمان . .

وقوله : { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ } جملة حالية من ضمير ، " قولوا " و " لما " لفظ يفيد توقع حصول الشيئ الذى لم يتم حصوله .

أى : قولوا أسلمنا والحال أنه لم يستقر الإِيمان فى قلوبكم بعد ، فإنه لو استقر فى قلوبكم لما سلكتم هذا المسلك ، ولما مننتم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإسلامكم .

قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : وقد استفيد من هذه الآية الكريمة : أن الإِيمان أخص من الإِسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ويدل عليه حديث جبريل ، حين سأل عن الإِسلام .

ثم عن الإِيمان . . فترقى من الأعم إلى الأخص .

كما يدل على ذلك حديث الصحيحين " عن سعد بن أبى وقاص ، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطى رجلا ولم يعط آخر . فقال سعد : يا رسول الله ، مالك عن فلان إنى لأراه مؤمنا ، فقال : " أو مسلما " " .

فقد فرق - صلى الله عليه وسلم - بين المؤمن والمسلم . فدل على أن الإِيمان أخص من الإِسلام .

كما دل هنا عن أن هؤلاء الأعراب المذكورين فى هذه الآية ، إنما هم مسلمون لم يستحكم الإِيمان فى قلوبهم . فادعو لأنفسهم مقاما أعلى مما وصلوا إليه ، فأدبوا بذلك . .

ثم أرشدهم - سبحانه - إلى ما يكمل إيمانهم فقال : { وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

ومعنى : " لا يلتكم " لا ينقصكم . يقال : لات فلان فلانا حقه - كباع - إذا نقصه .

أى : وإن تطيعوا الله - تعالى - ورسوله ، بأن تخلصوا العبادة ، وتتركوا المن والطمع ، لا ينصكم - سبحانه - من أجور أعمالكم شيئا ، إن الله - تعالى - واسع المغفرة والرحمة لعباده التائبين توبة صادقة نصوحا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

وفي ختام السورة تأتي المناسبة لبيان حقيقة الإيمان وقيمته ، في الرد على الأعراب الذين قالوا : ( آمنا )وهم لا يدركون حقيقة الإيمان . والذين منوا على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أنهم أسلموا وهم لا يقدرون منة الله على عباده بالإيمان :

( قالت الأعراب : آمنا . قل لم تؤمنوا ، ولكن قولوا أسلمنا . ولما يدخل الإيمان في قلوبكم . وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم . إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ، ثم لم يرتابوا ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، أولئك هم الصادقون . قل : أتعلمون الله بدينكم ? والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، والله بكل شيء عليم . يمنون عليك أن أسلموا . قل : لا تمنوا علي إسلامكم ، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين . إن الله يعلم غيب السماوات والأرض ، والله بصير بما تعملون ) . .

قيل : إنها نزلت في أعراب بني أسد . قالوا : آمنا . أول ما دخلوا في الإسلام . ومنوا على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قالوا : يا رسول الله أسلمنا وقاتلتك العرب ولم نقاتلك . فأراد الله أن يعلمهم حقيقة ما هو قائم في نفوسهم وهم يقولون هذا القول . وأنهم دخلوا في الإسلام استسلاما ، ولم تصل قلوبهم بعد إلى مرتبة الإيمان . فدل بهذا على أن حقيقة الإيمان لم تستقر في قلوبهم . ولم تشربها أرواحهم : ( قل : لم تؤمنوا . ولكن قولوا : أسلمنا . ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) . .

ومع هذا فإن كرم الله اقتضى أن يجزيهم على كل عمل صالح يصدر منهم لا ينقصهم منه شيئا . فهذا الإسلام الظاهر الذي لم يخالط القلب فيستحيل إيمانا واثقا مطمئنا . هذا الإسلام يكفي لتحسب لهم أعمالهم الصالحة فلا تضيع كما تضيع أعمال الكفار . ولا ينقص من أجرها شيء عند الله ما بقوا على الطاعة والاستسلام : ( وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) . ذلك أن الله أقرب إلى المغفرة والرحمة ، فيقبل من العبد أول خطوة ، ويرضى منه الطاعة والتسليم إلى أن يستشعر قلبه الإيمان والطمأنينة : ( إن الله غفور رحيم ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

يقول تعالى منكرا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد : { قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } . وقد استفيد من هذه الآية الكريمة : أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ويدل عليه حديث جبريل ، عليه السلام ، حين سأل عن الإسلام ، ثم عن الإيمان ، ثم عن الإحسان ، فترقى من الأعم إلى الأخص ، ثم للأخص منه .

قال{[27229]} الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا مَعْمَر ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا ولم يعط رجلا منهم شيئًا ، فقال سعد : يا رسول الله ، أعطيت فلانًا وفلانا ولم تُعط فلانًا شيئًا ، وهو مؤمن ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أو مسلم " حتى أعادها سعد ثلاثا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " أو مسلم " ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعطي رجالا وأدع من هو أحب إليّ منهم فلم أعطيه شيئًا ؛ مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم " .

أخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري ، به{[27230]} .

فقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلم والمؤمن ، فدل على أن الإيمان أخص من الإسلام . وقد قررنا ذلك بأدلته في أول شرح كتاب الإيمان من " صحيح البخاري " ولله الحمد والمنة . ودل ذلك على أن ذاك الرجل كان مسلما ليس منافقًا ؛ لأنه تركه من العطاء ووكله إلى ما هو فيه من الإسلام ، فدل هذا على{[27231]} أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية ليسوا بمنافقين ، وإنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم ، فادعوا لأنفسهم مقاما أعلى مما وصلوا إليه ، فأدبوا في ذلك . وهذا معنى قول ابن عباس وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، واختاره ابن جرير . وإنما قلنا هذا لأن البخاري ، رحمه الله ، ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين يُظهرون الإيمان وليسوا كذلك . وقد روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وابن زيد أنهم قالوا في قوله : { وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } أي : استسلمنا خوف القتل والسباء . قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة . وقال قتادة : نزلت في قوم امتنوا بإيمانهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والصحيح الأول ؛ أنهم قوم ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ، ولم يحصل لهم بعد ، فأدبوا وأعلموا أن ذلك لم يصلوا إليه بعد ، ولو كانوا منافقين لعنفوا وفضحوا ، كما ذكر المنافقون في سورة براءة . وإنما قيل لهؤلاء تأديبًا : { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } أي : لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان بعد .

ثم قال : { وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ [ شَيْئًا ] } {[27232]} أي : لا ينقصكم من أجوركم شيئا ، كقوله : { وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } [ الطور : 21 ] .

وقوله : { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } أي : لمن تاب إليه وأناب .


[27229]:- (1) في ت: "وروى".
[27230]:- (2) المسند (1/176) وصحيح البخاري برقم (27) وصحيح مسلم برقم (150).
[27231]:- (3) في ت: "إلى".
[27232]:- (4) زيادة من ت.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنّا قُل لّمْ تُؤْمِنُواْ وَلََكِن قُولُوَاْ أَسْلَمْنَا وَلَمّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : قالت الأعراب : صدّقنا بالله ورسوله ، فنحن مؤمنون ، قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهم لَمْ تُؤْمِنُوا ولستم مؤمنين وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا . وذُكر أن هذه الاَية نزلت في أعراب من بني أسد . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : قالَتِ الأَعْرَابُ آمَنّا قال : أعراب بني أسد بن خُزيمة .

واختلفت أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء الأعراب : قولوا أسلمنا ، ولا تقولوا آمنا ، فقال بعضهم : إنما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، لأن القوم كانوا صدّقوا بألسنتهم ، ولم يصدّقوا قولهم بفعلهم ، فقيل لهم : قولوا أسلمنا ، لأن الإسلام قول ، والإيمان قول وعمل ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري قالَتِ الأَعْرَاب آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا قال : إن الإسلام : الكلمة ، والإيمان : العمل .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، وأخبرني الزهريّ ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : أعطى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجالاً ، ولم يعط رجلاً منهم شيئا ، فقال سعد : يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا ، ولم تُعط فلانا شيئا ، وهو مؤمن ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أوْ مُسْلِمٌ » ؟ حتى أعادها سعد ثلاثا ، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : «أوْ مُسْلِمٌ » ، ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «إنّي أُعْطِي رِجالاً وأَدَعُ مَنْ هُوَ أحَبّ إليّ مِنْهُمْ ، لا أُعْطِيهِ شَيْئا مَخافَةَ أنْ يُكَبّوا فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قَالتِ الأعْرَابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا قال : لم يصدّقوا إيمانهم بأعمالهم ، فردّ الله ذلك عليهم قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا ، وأخبرهم أن المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، أولئك هم الصادقون ، صدّقوا إيمانهم بأعمالهم فمن قال منهم : أنا مؤمن فقد صدق قال : وأما من انتحل الإيمان بالكلام ولم يعمل فقد كذب ، وليس بصادق .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مُغيرة ، عن إبراهيم وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا قال : هو الإسلام .

وقال آخرون : إنما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقيل ذلك لهم ، لأنهم أرادوا أن يتسموا بأسماء المهاجرين قبل أن يهاجروا ، فأعلمهم الله أن لهم أسماء الأعراب ، لا أسماء المهاجرين . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قالَتِ الأعْرَابُ آمَنّا . . . الاَية ، وذلك أنهم أرادوا أن يتسَمّوا باسم الهجرة ، ولا يتسَمّوا بأسمائهم التي سماهم الله ، وكان ذلك في أوّل الهجرة قبل أن تنزل المواريث لهم .

وقال آخرون : قيل لهم ذلك لأنهم منوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم ، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم لم تؤمنوا ، ولكن استسلمتم خوف السباء والقتل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قالَتِ الأعْرَابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولعمري ما عمت هذه الاَية الأعراب ، إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الاَخر ، ولكن إنما أُنزلت في حيّ من أحياء الأعراب امتنوا بإسلامهم على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أسلمنا ، ولم نقاتلك ، كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان ، فقال الله : لا تقولوا آمنا ، ولكن قولوا أسلمنا حتى بلغ في قلوبكم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا قال : لم تعمّ هذه الاَية الأعراب ، إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الاَخر ، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله ، ولكنها في طوائف من الأعراب .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن رَباح ، عن أبي معروف ، عن سعيد بن جُبَير قالَت الأعْرَابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا قال : استسلمنا لخوف السباء والقتل .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد قُولُوا أسْلَمْنا قال : استسلمنا .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا استسلمنا : دخلنا في السلم ، وتركنا المحاربة والقتال بقولهم : لا إله إلاّ الله ، وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النّاسَ حتى يَقُولُوا لا إلَهَ إلاّ اللّهُ ، فإذا قالُوا لا إلَهَ إلاّ اللّهُ ، عَصَمُوا مِنّي دِماءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ إلاّ بِحَقّها وَحِسابُهُمْ على اللّهِ » .

وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك القول الذي ذكرناه عن الزهريّ وهو أن الله تقدّم إلى هؤلاء الأعراب الذين دخلوا في الملة إقرارا منهم بالقول ، ولم يحققوا قولهم بعملهم أن يقولوا بالإطلاق آمنا دون تقييد قولهم بذلك بأن يقولوا آمنا بالله ورسوله ، ولكن أمرهم أن يقولوا القول الذي لا يشكل على سامعيه والذي قائله فيه محقّ ، وهو أن يقولوا أسلمنا ، بمعنى : دخلنا في الملة والأموال ، والشهادة الحقّ .

قوله : وَلمّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ يقول تعالى ذكره : ولما يدخل العلم بشرائع الإيمان ، وحقائق معانيه في قلوبكم .

وقوله : وَإنْ تُطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ أعمالِكُمْ شَيئا يقول تعالى ذكره : لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء الأعراب القائلين آمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم ، إن تطيعوا الله ورسوله أيها القوم ، فتأتمروا لأمره وأمر رسوله ، وتعملوا بما فرض عليكم ، وتنتهوا عما نهاكم عنه ، لا يَلِتْكُمْ مِنْ أعمالِكُمْ شَيْئا يقول : لا يظلمكم من أجور أعمالكم شيئا ولا ينقصكم من ثوابها شيئا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا يَلِتْكُمْ لا ينقصكم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لا يَلِتْكُمْ مِنْ أعمالِكُمْ شَيْئا يقول : لن يظلمكم من أعمالكم شيئا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في وَإنْ تُطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ قال : إن تصدقوا إيمانكم بأعمالكم يقبل ذلك منكم . وقرأت قرّاء الأمصار لا يَلِتْكُمْ مِنْ أعمالِكُم بغير همز ولا ألف ، سوى أبي عمرو ، فإنه قرأ ذلك «لا يأَلَتْكُمْ » بألف اعتبارا منه في ذلك بقوله : وَما ألَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهمْ مِنْ شَيْءٍ فمن قال : ألت ، قال : يألت . وأما الاَخرون فإنهم جعلوا ذلك من لات يليت ، كما قال رُؤبةُ بن العجاج :

وَلَيْلَةٍ ذَاتِ نَدًى سَرَيْتُ *** ولَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاها لَيْتُ

والصواب من القراءة عندنا في ذلك ، ما عليه قرّاء المدينة والكوفة لا يَلِتْكُمْ بغير ألف ولا همز ، على لغة من قال : لات يليت ، لعلتين : إحداهما : إجماع الحجة من القرّاء عليها . والثانية أنها في المصحف بغير ألف ، ولا تسقط الهمزة في مثل هذا الموضع ، لأنها ساكنة ، والهمزة إذا سكنت ثبتت ، كما يقال : تأمرون وتأكلون ، وإنما تسقط إذا سكن ما قبلها ، ولا يحمل حرف في القرآن إذا أتى بلغة على آخر جاء بلغة خلافها إذا كانت اللغتان معروفتين في كلام العرب . وقد ذكرنا أن ألت ولات لغتان معروفتان من كلامهم .

وقوله : إنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول تعالى ذكره : إن الله ذو عفو أيها الأعراب لمن أطاعه ، وتاب إليه من سالف ذنوبه ، فأطيعوه ، وانتهوا إلى أمره ونهيه ، يغفر لكم ذنوبكم ، رحيم بخلقه التائبين إليه أن يعاقبهم بعد توبتهم من ذنوبهم على ما تابوا منه ، فتوبوا إليه يرحمكم . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ غفور للذنوب الكثيرة أو الكبيرة ، شكّ يزيد ، رحيم بعباده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

قوله تعالى :{ قالت الأعراب آمنا } ، قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة ، وهي قبيلة كانت تجاور المدينة ، وكانوا قد أظهروا الإسلام ، وكانت نفوسهم-مع ذلك- دخلة{[10498]} ، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : وذهبوا مرة إلى أن يتسموا بالمهاجرين ، فنزلت هذه الآية مسمية لهم بالأعراب ، مُعرفة لهم بذلك أقدارهم ، ومُخرجة ما في صدورهم من صورة معتقدهم ، وهم أعراب مخصوصون كما ذكرنا ، قال أبو حاتم عن ابن الزبير : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ :{ قالت الأعراب } بغير همز ، فرد عليه بهمز وقطع . وقد أخبر الله تعالى أن في الأعراب على الجملة من يؤمن بالله واليوم الآخر ، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المُدّعين في الإيمان :{ لم تؤمنوا } ، أي لم تصدقوا بقلوبكم { ولكن قولوا أسلمنا } . والإسلام يقال بمعنيين ، أحدهما : الدين يعم الإيمان والأعمال ، وهو الذي في قوله : { إن الدين عند الله الإسلام }{[10499]} [ آل عمران : 19 ] والذي في قوله صلى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس »{[10500]} والذي في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل حين قال له : ما الإسلام ؟ قال : ( بأن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ){[10501]} ، والذي في قوله لسعد بن أبي وقاص : «أو مسلماً ، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه »{[10502]} الحديث ، فهذا الإسلام ليس هو في قوله : { ولكن قولوا أسلمنا } والمعنى الثاني للفظ الإسلام : هو الاستسلام والإظهار الذي يستعصم به ويحقن الدم ، وهذا هو الإسلام في قوله : { ولكن قولوا أسلمنا } ، و { الإيمان } الذي هو التصديق أخص من الأول وأعم بوجه ، ثم صرح لهم بأن { الإيمان } لم يدخل قلوبهم ثم فتح لهم باب التوبة بقوله : { وإن تطيعوا الله } الآية ، وطاعة الله ورسوله في ضمنها الإيمان والأعمال .

وقرأ جمهور القراء : «لا يلتكم » من لات يليت إذا نقص ، يقال : لاته حقه إذا نقصه منه ، ولت السلطان إذا لم يصدقه فيما سأل عنه . وقرأ أبو عمرو والأعرج والحسن وعمرو : «لا يألتكم » من ألت يألت وهو بمعنى : لات ، وكذلك يقال : ألتِ بكسر اللام يألت ، ويقال أيضاً في معنى لات ، ألت يولت ولم يقرأ بهذه اللغة وباقي الآية ترجية .


[10498]:أصابها الفساد والعيب من الداخل، وفي بعض النسخ"دغلة" بالغين، والداغل هو الذي يبغي الشر لأصحابه ويحسبونه هم خيرا.
[10499]:من الآية(19) من سورة (آل عمران).
[10500]:أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي في الإيمان، ولفظه كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).
[10501]:رواه البخاري في كتاب الإيمان عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله، وتؤمن بالبعث، قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: متى الساعة؟ قال: ما المسئول بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها، إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البُهم في البنيان في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم{إن الله عنده علم الساعة}، ثم أدبر، فقال: ردوه فلم يروا شيئا، فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم.اهـ. وكذلك رواه مسلم والترمذي في كتاب الإيمان، وأبو داود في السنة، وابن ماجه في المقدمة، وأحمد في المسند(1-27، 51، 53-2-107-4-129) واللفظ هنا للبخاري.
[10502]:أخرجه الشيخان في صحيحيهما في كتاب الإيمان وفي كتاب الزكاة، عن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي، فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان، فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال:(أو مسلما)، فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، فقلت: مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال:(او مسلما)، فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:(يا سعد، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكُبه الله في النار). قال الإمام البخاري: ورواه يونس، وصالح، ومعمر، وابن أخي الزهري عن الزهري.