تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة طه وهي مكية

{ 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }

{ طه } من جملة الحروف المقطعة ، المفتتح بها كثير من السور ، وليست اسما للنبي صلى الله عليه وسلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة طه

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، ومن والاه .

أما بعد : فهذا تفسير لسورة " طه " يأتي في أعقاب تفاسير أخرى ، لسور أخرى . . .

أسأل الله –تعالى- أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

المؤلف

د . محمد سيد طنطاوي

تعريف بسورة طه

1- سورة " طه " من السور المكية . وكان ترتيبها في النزول بعد سورة مريم .

قال الآلوسي : " وتسمى –أيضا- بسورة الكليم . . وآياتها –كما قال الداني –مائة وأربعون آية عند الشاميين ومائة وخمس وثلاثون عند الكوفيين ، ومائة وأربع وثلاثون عند الحجازيين " ( {[1]} ) .

وقال القرطبي : " سورة طه –عليه السلام- مكية في قول الجميع ، نزلت قبل إسلام عمر –رضي الله عنه- ، فقد قيل له : إن ختنك وأختك قد صَبَوا –أي : دخلا في الإسلام- فأتاهما وعندهما رجل من المهاجرين . . يقال له : خباب وكانوا يقرءون " طه " . . ( {[2]} ) " .

2- وقد افتتحت السورة الكريمة بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم وببيان وظيفته ، وببيان سمو منزلة القرآن الكريم : الذي أنزله عليه ربه الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى .

قال –تعالى- : [ طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلا . الرحمن على العرش استوى . . . ] .

3- ثم فصلت السورة الكريمة الحديث عن قصة موسى –عليه السلام- فبدأت بنداء الله –تعالى- له ، وباختياره لحمل رسالته . ثم تحدثت عن تكليفه –سبحانه- لموسى ، بالذهاب إلى فرعون .

قال –تعالى- : [ اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لي صدري . ويسر لي أمري . واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . واجعل لي وزيرا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري ] .

4- ثم حكت السورة ما دار بين موسى وبين فرعون من مناقشات ومجادلات ، وكذلك ما دار بين موسى وبين السحرة الذين جمعهم فرعون لمنازلة موسى –عليه السلام- وكيف أن السحرة انتهى أمرهم بالإيمان ، وبقولهم لفرعون : [ لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا . إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ، وما أكرهتنا عليه من السحر ، والله خير وأبقى ] .

5- ثم بينت السورة الكريمة ما فعله بنو إسرائيل في غيبة موسى عنهم ، وكيف أن السامري قد أضلهم بأن جعلهم يعبدون عجلا له خوار . . . وكيف أن موسى رجع إليهم غضبان أسفا . . فحطم العجل وأحرقه وألقاه في اليم وهو يقول : [ إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما ] .

6- وبعد أن فصلت السورة الكريمة الحديث عن قصة موسى –عليه السلام- عقبت على ذلك ببيان وظيفة القرآن الكريم ، وببيان جانب من أهوال يوم القيامة ، وسوء عاقبة الكافرين ، وحسن عاقبة المؤمنين .

قال –تعالى- : [ وعنت الوجوه للحمى القيوم وقد خاب من حمل ظلما . ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما ] .

7- ثم ساقت السورة في أواخرها جانبا من قصة آدم . فذكرت سجود الملائكة له ، ونسيانه لأمر ربه ، وقبول الله –تعالى- لتوبة آدم بعد أن وسوس له الشيطان بما وسوس . .

قال –تعالى- : [ ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما . وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى . فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ] .

8- ثم ختمت السورة الكريمة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر وبالإكثار من ذكر الله –تعالى- وبعدم التطلع إلى زهرة الحياة الدنيا ، وبأمر أهله بالصلاة . وبالرد على مزاعم المشركين ، وبتهديدهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا على ضلالهم . .

قال –تعالى- : [ قل كل متربص فتربصوا ، فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ] .

9- هذا عرض إجمالي لأهم المقاصد التي اشتملت عليها سورة طه . ومن هذا العرض نرى : أن القصة قد أخذت جانبا كبيرا منه . وكذلك الحديث عن القرآن الكريم وعن يوم القيامة ، وعن أحوال الناس فيه . . قد تكرر فيها بأسلوب يهدي للتي هي أقوم . .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

افتتحت السورة الكريمة بلفظ { طه } ، وهذا اللفظ أظهر الأقوال فيه أنه من الحروف المقطعة التى افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم .

وقد بينا بشىء من التفصيل عند تفسيرنا لسور : البقرة ، وآل عمران ، والأعراف ، ويونس . . . . آراء العلماء فى المقصود بهذه الحروف .

وقلنا ما خلاصته : لعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة قد وردت فى افتتاح بعض سور القرآن الكريم ، على سبيل الإيقاظ والتنبيه والتعجيز لمن عارضوا فى كون القرآن من عند الله - تعالى - ، أو فى كونه معجزة للنبى - صلى الله عليه وسلم - دالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه .

وقيل : إن هذا اللفظ بمعنى يا رجل فى لغة بعض قبائل العرب . .

وقيل : إنه اسم للرسول - صلى الله عليه وسلم - أو للسورة . . . إلى غير ذلك من الأقوال التى رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

سورة طه مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة

تبدأ هذه السورة وتختم خطابا للرسول [ ص ] ببيان وظيفته وحدود تكاليفه . . إنها ليست شقوة كتبت عليه ، وليست عناء يعذب به . إنما هي الدعوة والتذكرة ، وهي التبشير والإنذار . وأمر الخلق بعد ذلك إلى الله الواحد الذي لا إله غيره . المهيمن على ظاهر الكون وباطنه ، الخبير بظواهر القلوب وخوافيها . الذي تعنو له الجباه ، ويرجع إليه الناس : طائعهم وعاصيهم . . فلا على الرسول ممن يكذب ويكفر ؛ ولا يشقى لأنهم يكذبون ويكفرون .

وبين المطلع والختام تعرض قصة موسى عليه السلام من حلقة الرسالة إلى حلقة اتخاذ بني إسرائيل للعجل بعد خروجهم من مصر ، مفصلة مطولة ؛ وبخاصة موقف المناجاة بين الله وكليمه موسى - وموقف الجدل بين موسى وفرعون . وموقف المباراة بين موسى والسحرة . . . وتتجلى في غضون القصة رعاية الله لموسى الذي صنعه على عينه واصطنعه لنفسه ، وقال له ولأخيه : ( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ) . .

وتعرض قصة آدم سريعة قصيرة ، تبرز فيها رحمة الله لآدم بعد خطيئته ، وهدايته له . وترك البشر من أبنائه لما يختارون من هدى أو ضلال بعد التذكير والإنذار .

وتحيط بالقصة مشاهد القيامة . وكأنما هي تكملة لما كان أول الأمر في الملأ الأعلى من قصة آدم . حيث يعود الطائعون إلى الجنة ، ويذهب العصاة إلى النار . تصديقا لما قيل لأبيهم آدم ، وهو يهبط إلى الأرض بعد ما كان !

ومن ثم يمضي السياق في هذه السورة في شوطين اثنين : الشوط الأول يتضمن مطلع السورة بالخطاب إلى الرسول [ ص ]( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . . . )تتبعه قصة موسى نموذجا كاملا لرعاية الله سبحانه لمن يختارهم لإبلاغ دعوته فلا يشقون بها وهم في رعايته .

والشوط الثاني يتضمن مشاهد القيامة وقصة آدم وهما يسيران في اتجاه مطلع السورة وقصة موسى . ثم ختام السورة بما يشبه مطلعها ويتناسق معه ومع جو السورة .

وللسورة ظل خاص يغمر جوها كله . . ظل علوي جليل ، تخشع له القلوب ، وتسكن له النفوس ، وتعنو له الجباه . . إنه الظل الذي يخلعه تجلي الرحمن على الوادي المقدس على عبده موسى ، في تلك المناجاة الطويلة ؛ والليل ساكن وموسى وحيد ، والوجود كله يتجاوب بذلك النجاء الطويل . . وهو الظل الذي يخلعه تجلي القيوم في موقف الحشر العظيم : ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) . . ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) . .

والإيقاع الموسيقي للسورة كلها يستطرد في مثل هذا الجو من مطلعها إلى ختامها رخيا شجيا نديا بذلك المد الذاهب مع الألف المقصورة في القافية كلها تقريبا .

( طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى . الرحمن على العرش استوى . له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى . وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى . الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ) .

مطلع رخي ندي . يبدأ بالحروف المقطعة : طا . ها للتنبيه إلى أن هذه السورة . كهذا القرآن - مؤلفة من مثل هذه الحروف على نحو ما أوردنا في مطالع السور . ويختار هنا حرفان ينتهيان بإيقاع كإيقاع السورة ، ويقصران ولا يمدان لتنسيق الإيقاع كذلك .

يتلو هذين الحرفين حديث عن القرآن - كما هو الحال في السور التي تبدأ بالحروف المقطعة - في صورة خطاب إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ]

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

هي مكية .

روى إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب " التوحيد " ، عن زياد بن أيوب ، عن إبراهيم بن المنذر الحِزَامي ، حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ، عن عمر بن حفص بن ذَكْوَان ، عن مولى الحُرقة - يعني عبد الرحمن بن يعقوب - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق آدم بألف عام ، فلما سمعت الملائكة قالوا : طوبى لأمة ينزل عليهم هذا{[1]} وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسن تتكلم{[2]} بهذا " {[3]} .

هذا حديث غريب ، وفيه نكارة ، وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تُكلِّم فيهما .

بسم الله الرحمن الرحيم

تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة " البقرة " بما أغنى عن إعادته .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسين بن محمد بن شنبة{[19188]} الواسطي ، حدثنا أبو أحمد - يعني : الزبيري - أنبأنا إسرائيل عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : طه : يا رجل . وهكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، و[ عطاء ]{[19189]} ومحمد بن كعب ، وأبي مالك ، وعطية العوفي ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن أبزى أنهم قالوا : " طه " بمعنى : يا رجل .

وفي رواية عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير والثوري أنها{[19190]} كلمة بالنبطية معناها : يا رجل . وقال أبو صالح هي مُعَرّبة .

وأسند القاضي عياض في كتابه " الشفاء " من طريق عبد بن حميد في تفسيره : حدثنا هاشم بن [ القاسم ]{[19191]} عن ابن جعفر ، عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى ، فأنزل الله تعالى { طه } ، يعني : طأ الأرض يا محمد ، { مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } . ثم قال : ولا خفاء بما في هذا من الإكرام وحسن{[19192]} المعاملة{[19193]} .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[19188]:في ف : "شيبة".
[19189]:زيادة من ف، أ.
[19190]:في أ : "أنه".
[19191]:زيادة من ف، أ، والشفا.
[19192]:في ف: "أو حسن"، وفي أ: "وأحسن".
[19193]:الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/26).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{طه} (1)

بِسمِ اللّهِ الرحمَن الرّحِيمِ

القول في تأويل قوله تعالى : { طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىَ * إِلاّ تَذْكِرَةً لّمَن يَخْشَىَ } .

قال أبو جعفر محمد بن جرير : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : طَهَ فقال بعضهم : معناه يا رجل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تميلة ، عن الحسن بن واقد ، عن يزيد النحويّ ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : طه : بالنّبَطية : يا رجل .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " طه ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَى " فإن قومه قالوا : لقد شَقِي هذا الرجل بربه ، فأنزل الله تعالى ذكره طَهَ يعني : يا رجل ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَى .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن مسلم ، أو يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير أنه قال : طه : يا رجل بالسريانية .

قال ابن جريج : وأخبرني زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، بذلك أيضا . قال ابن جُرَيج ، وقال مجاهد ، ذلك أيضا .

حدثنا عمران بن موسى القزّاز ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا عُمارة ، عن عكرمة ، في قوله : طَهَ قال : يا رجل ، كلمه بالنبطية .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبد الله ، عن عكرمة ، في قوله طَهَ قال : بالنبطية : يا إنسان .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد ، عن الضحاك ، في قوله طَه قال : يا رجل بالنبطية .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حُصَين ، عن عكرمة في قوله طَهَ قال : يا رجل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله طَهَ قال : يا رجل ، وهي بالسريانية .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة والحسن في قوله : طَهَ قالا : يا رجل .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد ، يعني ابن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله طَهَ قال : يا رجل .

وقال آخرون : هو اسم من أسماء الله ، وقَسَم أقسم الله به . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : طَهَ قال : فإنه قسم أقسم الله به ، وهو اسم من أسماء الله .

وقال آخرون : هو حروف هجاء .

وقال آخرون : هو حروف مقطّعة يدلّ كلّ حرف منها على معنى ، واختلفوا في ذلك اختلافهم في الم ، وقد ذكرنا ذلك في مواضعه ، وبيّنا ذلك بشواهده .

والذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه : قول من قال : معناه : يا رجل ، لأنها كلمة معروفة في عكَ فيما بلغني ، وأن معناها فيهم : يا رجل ، أنشدت لمتمم بن نُويرة :

هَتَفْتُ بطَهَ فِي القِتالِ فَلَمْ يُجبْ *** فخِفْتُ عَلَيْهِ أنْ يَكونَ مُوَائِلا

وقال آخر :

إنّ السّفاهَةَ طَهَ مِنْ خَلائِقِكُمْ *** لا بارَكَ اللّهُ فِي القَوْمِ المَلاعِينِ

فإذا كان ذلك معروفا فيهم على ما ذكرنا ، فالواجب أن يوجه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه ، ولا سيما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصحابة والتابعين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

سورة طه مكية وهي مائة وأربع وثلاثون آية .

بسم الله الرحمان الرحيم { طه } فخمها قالون وابن كثير وابن عامر وحفص ويعقوب على الأصل ، وفخم الطاء وحده أبو عمرو وورش لاستعلائه وأمالها الباقون : وهما من أسماء الحروف . وقيل معناه يا رجل على لغة عك ، فإن صح فلعل أصله يا هذا فتصرفوا فيه بالقلب والاختصار والاستشهاد بقوله :

إن السفاهة طاها في خلائقكم *** لا قدس الله أخلاق الملاعين

ضعيف لجواز أن يكون قسما كقوله حم لا ينصرون ، وقرئ { طه } على أنه أمر للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يطأ الأرض بقدميه ، فإنه كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه وأن أصله طأ فقلبت همزته هاء أو قلبت في يطأ ألفا كقوله : لا هناك المرتع . ثم بنى عليه الأمر وضم إليه هاء السكت وعلى هذا يحتمل أن يكون أصل { طه } طأها والألف مبدلة من الهمزة والهاء كناية الأرض ، لكن يرد ذلك كتابتهما على صورة الحرف وكذا التفسير بيا رجل أو اكتفى بشطري الكلمتين وعبر عنهما باسمهما .