بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

قوله تعالى : { أتى أَمْرُ الله } أي يوم القيامة . ويقال : يعني : العذاب . كقوله : { حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول وَمَنْ ءَامَنَ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } [ هود : 40 ] وقوله : { إِنَّمَا مَثَلُ الحياة الدنيا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السمآء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض مِمَّا يَأْكُلُ الناس والانعام حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالامس كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [ يونس : 24 ] أي : أتى أمر الله . يعني : يأتي . أي : هو قريب لأن ما هو آتٍ آتٍ . وهذا وعيد لهم إنها كائنة . وقال ابن عباس : لما نزلت هذه الآية { اقترب لِلنَّاسِ حسابهم وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] ثم نزلت بعدها { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر : 1 ] قالوا : يا محمد تزعم أن الساعة قد اقتربت ، ولا نرى من ذلك شيئاً فنزل { أتى أَمْرُ الله } أي : عذاب الله ، فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ، لا يشك أن العذاب قد أتاهم ، فقال لهم جبريل : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قال : فجلس النبي صلى الله عليه وسلم بعد قيامه ، ثم قال : { سبحانه } نزّه نفسه عن الولد ، والشريك . ويقال : ارتفع ، وتعاظم عن صفة أهل الكفر . فقال عز وجل : { وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من الأوثان . قرأ حمزة ، والكسائي { تُشْرِكُونَ } بالتاء على معنى المخاطبة . وقرأ الباقون : بالياء بلفظ المغايبة ، وكذلك ما بعده .