بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا} (16)

ثم قال : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً } يعني : أهل قرية { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } أي : أكثرنا جبابرتها ، يقال : أَمَرَ إِذَا أكثر وآمَرَ أيضاً . هما لغتان . وروي عن زينب بنت جحش أنها قالت : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق إبهامه بالتي تليها . قالت : قلت يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث . ويقال : أمَرَ وآمر مثل فعل وأفعل يعني : أكثر . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " خير المال مهرة مأمورة " أي : خيل كثير النتاج قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين ونافع في إحدى الروايتين وابن كثير في إحدى الروايتين «أَمَّرْنَا » بالتشديد بغير مد ، وفي إحدى الروايتين عن ابن كثير ونافع «آمَرْنَا » بالمد والتخفيف . وقرأ الباقون بالتخفيف بغير مد . فمن قرأ بالتشديد فمعناه : سلطنا جبابرتها ، ومن قرأ بالمد يعني : أكثرنا جبابرتها . ومن قرأ بالتخفيف له معنيان : أحدهما : أكثرنا جبابرتها وأشرافها ، ومعنى آخر : أمرناهم بالطاعة وخذلناهم حتى تركوا الأمر وعصوا الله تعالى { فَفَسَقُواْ فِيهَا } أي : عصوا فيها { فَحَقَّ عَلَيْهَا القول } أي : وجب عليها السخط بالعذاب { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } أي : أهلكناها بالعذاب إهلاكاً .