ثم قال : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيض } . قال ابن عباس : نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له : عمرو بن الدحداح ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، كيف نصنع بالنساء إذا حضن ؟ أنقربهن أم لا ؟ فنزل قوله تعالى { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيض } يقول عن النساء إذا حضن . ويقال : ويسألونك عن مجامعة النساء في المحيض . { قُلْ هُوَ أَذًى } ، يعني الدم هو قذر نجس . { فاعتزلوا النساء فِي المحيض } ، أي لا تجامعوهن في حال الحيض . { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ } ، يعني لا تجامعوهن وهن حيض ، { حتى يَطْهُرْنَ } . قرأ حمزة وعاصم والكسائي في رواية أبي بكر : { حتى يَطْهُرْنَ } بتشديد الطاء والهاء والنصب ، والباقون بالتخفيف أي يغتسلن وأصله يتطهرون ، فأدغمت التاء في الطاء فصار { يَطْهُرْنَ } . فمن قرأ { يَطْهُرْنَ } أي يغتسلن ، ومن قرأ { يَطْهُرْنَ } أي حتى يطهرن من الحيض .
قال الفقيه الزاهد ؛ نعمل بالقراءتين جميعاً ؛ فإن كانت المرأة أيام حيضها أقل من عشرة أيام فلا يجوز أن يقربها ما لم تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة وإن كانت أيام حيضها عشرة ، فإذا انقطع عنها الدم وتمت العشرة ، جاز له أن يقربها بغير غسل . ثم قال تعالى : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } ، يعني أي اغتسلن من الحيض ، { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله } ، أي جامعوهن من حيث رخص لكم الله في موضع الجماع .
ويقال : لما نزلت هذه الآية { فاعتزلوا النساء فِي المحيض } ، اعتزلوا النساء في أيام الحيض وأخرجوهن من البيوت ؛ فقدم أناس من الأعراب وقالوا : يا رسول الله البرد شديد وقد اعتزلنا النساء ، وليس كلنا يجد سعة لذلك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنَّمَا أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوا النِّسَاءَ عَنْ مُجَامَعَتِهِنَّ ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ أَنْ تُخْرِجُوهُنَّ مِنَ البُيُوتِ كَمَا تَفْعَلُ الأعَاجِمُ »
ثم قال تعالى : { إِنَّ الله يُحِبُّ التوبين } ، يعني التوابين من الشرك والذنوب . { وَيُحِبُّ المتطهرين } ، أي من الجنابة والأحداث . ويقال : ويحب المتطهرين من إتيانهن في المحيض ، في أدبارهن يتنزهون عن ذلك . ويقال : و{ يحب التّوابين } من الذنوب والمتطهرين الذين لم يذنبوا . فإن قيل : كيف قدَّم بالذكر الذي تاب من الذنوب على الذي لم يذنب ؟ قيل له : إنما قدمهم لكيلا يقنط التائب من الرحمة ، ولا يعجب المتطهر بنفسه ؛ كما ذكر في آية أخرى : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظالم لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير } [ [ فاطر : 32 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.