قوله تعالى : { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرض جَمِيعاً } ، أي قدَّر خَلْقَهَا لأن الأشياء كلها لم تُخلق في ذلك الوقت ، لأن الدواب وغيرها من الثمار التي في الأرض تخلق وقتاً بعد وقت ، ولكن معناه قدَّر خلق الأشياء التي في الأرض .
وقوله تعالى : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء } هذه الآية من المشكلات ؛ والناس في هذه الآية وما شاكلها على ثلاثة أوجه : قال بعضهم : نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها ، وهذا كما روي عن مالك بن أنس رحمه الله أن رجلاً سأله عن قوله : { الرحمن عَلَى العرش استوى } [ طه : 5 ] ، فقال مالك : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا ضالاً فأخرجوه فطردوه ، فإذا هو جهم بن صفوان . وقال بعضهم : نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة وهذا قول المشبهة . وللتأويل في هذه الآية وجهان : أحدهما : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء } ، أي صعد أمره إلى السماء ، وهو قوله : { كن فكان } ، وتأويل آخر وهو قوله : { ثُمَّ استوى إِلَى السماء } أي أقبل إلى خلق السماء . فإن قيل : قد قال في آيةٍ أخرى { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السماء بناها * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضحاها * والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } [ النازعات : 27 ، 28 ، ، 30 ] فذكر في تلك الآية أن الأرض خلقت بعد السماء ، وذكر في هذه الآية أن الأرض خلقت قبل السماء . الجواب عن هذا أن يقال : خلق الأرض قبل السماء وهي ربوة حمراء في موضع الكعبة ، فلما خلق السماء بسط الأرض بعد خلق السماء فذلك قوله تعالى : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } [ النازعات : 30 ] أي بسطها .
ثم قال تعالى : { فَسَوَّاهُنَّ } أي خلقهن { سَبْعَ سماوات } وهن أعظم من خلقكم { وَهُوَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } أي بخلق كل شيء عليم . ومعناه : أن الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً وخلق السماوات قادر على أن يحييكم بعد الممات . قرأ نافع والكسائي وأبو عمرو { وهْو } بجزم الهاء . وقرأ الباقون بضم الهاء { وَهُوَ } في جميع القرآن ، وهما لغتان ومعناهما واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.