بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ جَاعِلِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ يَزِيدُ فِي ٱلۡخَلۡقِ مَا يَشَآءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة فاطر مكية وهي سبعون وخمس آيات .

قوله تبارك وتعالى : { الحمد للَّهِ فَاطِرِ السماوات والأرض } يعني : خالق السماوات والأرض . يقال : فطر الشيء إذا بدأه . قال ابن عباس رضي الله عنه : " ما كنت أعرف فاطر حتى اختصما لي أعرابيان في بئر . فقال أحدهما : أنا فطرتها يعني : بدأتها " .

ثم قال : { جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً } يعني : مرسل الملائكة بالرسالة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت والكرام الكاتبين عليهم السلام { أُوْلِي أَجْنِحَةٍ } يعني : ذوي أجنحة ، ولفظ { أولي } يستعمل في الجماعة ، ولا يستعمل في الواحد وواحدها ذو .

ثم قال : { مثنى وثلاث وَرُبَاعَ } يعني : من الملائكة من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة . ومنهم كذا . ويقال : { ثلاث } معدول من ثلاثة . يعني : ثلاثة ثلاثة . { وَرُبَاعَ } معدول من أربعة يعني : أربعة أربعة .

ثم قال : { يَزِيدُ في الخلق مَا يَشَاء } يعني : يزيد في خلق الأجنحة ما يشاء . وروي عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام أن يتراءى له في صورته . فقال له جبريل : إنك لا تطيق ذلك . فقال : «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلَ » . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في ليلة مقمرة ، فأتاه جبريل في صورته فغشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه . ثم أفاق وجبريل عليه السلام يسنده ، واضع إحدى يديه على صدره ، والأخرى بين كتفيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سُبْحَانَ الله مَا كُنْتُ أرَى شَيْئاً مِنَ الخَلْقِ هَكَذا » فقال جبريل : فكيف لو رأيت إسرافيل ؟ إن له اثني عشر جناحاً ، منها جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ، وأن العرش لعلى كاهله ، وإنه ليتضاءل بالأحايين لعظمة الله ، حتى يعود مثل الوضع يعني : عصفوراً . حتى لا يحمل عرشه إلا عظمته . فذلك قوله تعالى : { يَزِيدُ في الخلق مَا يَشَاء } يعني : في خلق الملائكة . ويقال : { يَزِيدُ في الخلق مَا يَشَاء } يعني : الشعر الحسن ، والصوت الحسن ، والخد الحسن . ويقال : { يَزِيدُ في الخلق مَا يَشَاء } يعني : في الجمال والكمال والدمامة .

ثم قال : { إِنَّ الله على كُلِّ شيء قَدِيرٌ } من الزيادة والنقصان وغيره .