بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورٖۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمَا عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (22)

{ فدلاهما بِغُرُورٍ } أي : غرّهما بباطل ويقال : زَيَّنَ لهما . وأصله في اللغة من التقريب يعني : قربهما إلى الشجرة { فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة } يقول : فلما أكلا من الشجرة ووصل إلى بطونهما تهافت لباسهما عنهما { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا } أي ظهرت عوراتهما ، وإنما سميت العورة سوأة لأن كشف العورة قبيح .

قال الفقيه : حدّثنا أبو جعفر . قال : حدّثنا أبو القاسم أحمد بن حم قد ذكر بإسناده عن أبَيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إنَّ آدَمَ كَانَ رَجُلاً طَوِيلاً كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ ، فَلَمَّا وَقَعَ في الخَطِيئَةِ بَدَتْ لَهُ سَوْأَتهُ ، وَكَانَ لاَ يَرَاها قَبْلَ ذلك ، فَانْطَلَقَ هَارِباً فِي الجَنَّةِ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ شَجَرَةٌ مِنْ شَجَرِ الجَنَّةِ ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ : يَا آدَمُ أَتَفِرُّ مِنِّي ؟ قَالَ : يَا رَبّ إِنِّي أَسْتَحِي » وفيه دليل أن ستر العورة كان واجباً من وقت آدم لأنه لما كشف عنهما سترا عوراتهما بالأوراق فذلك قوله : { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة } أي أقبلا وعمدا يلصقان عليهما من ورق الجنة يعني : من ورق التين يطبقان على أبدانهما ورقة ورقة منه . يقال : خصف نعله وهو إطباق طاق على طاق وأصل الخصف الضم والجمع . والخصف إنما هو إلصاق الشيء بالشيء ولهذا قيل : خصاف . وقرأ بعضهم { وطفَقَا } بالنصب وهما لغتان طَفِقَ يَطْفَقُ وطَفَق يَطْفِقُ { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } أي قال : لهما ربهما : { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشجرة } أي عن أكل تلك الشجرة { وَأَقُل لَّكُمَا } يعني : ألم أقل لكما { إِنَّ الشيطان لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة .