بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ} (17)

{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } روى أسباط عن السدي قال : { من بين أيديهم } الدنيا أدعوهم إليها { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } الآخرة أشككهم فيها { وَعَنْ أيمانهم } قال الحق : أشككهم فيه { وَعَن شَمَائِلِهِمْ } قال : الباطل أخففه عليهم وأرغبهم فيه .

وقال في رواية الكلبي : { ثم لآتينّهم من بين أيديهم } من أمر الآخرة ، فأزيّن لهم التكذيب بالبعث بأنه لا جنة ولا نار ، { ومن خلفهم } من أمر الدنيا فأزينها في أعينهم وأرغبهم فيها ، فلا يعطون حقاً { وعن أيمانهم } أي : من قبل دينهم فإن كانوا على الضلالة زيّنتها لهم ، وإن كانوا على الهدى شبّهته عليهم حتى يشكوا فيه { وَعَن شَمَائِلِهِمْ } من قبل اللذات والشهوات . ويقال : معناه لآتينهم بالإضلال من جميع جهاتهم ويقال : { عَنْ أيمانهم } فيما أمروا به { وَعَن شَمَائِلِهِمْ } فيما نهوا عنه . ويقال : { وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ } أي : فيما يعملون لأنه يقال عملت بذلك { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين } يعني ذرية آدم لا يكونون شاكرين لنعمتك ، ويقال { شاكرين } مؤمنين وقال في آية أُخرى : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن محاريب وتماثيل وَجِفَانٍ كالجواب وَقُدُورٍ راسيات اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور } [ سبأ : 13 ] { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فاتبعوه إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين } [ سبأ : 20 ]