{ فدلاّهما } فنزّلهما على الأكل من الشجرة ، وفيه تنبيهٌ على أنه أهبطهما بذلك من درجة عاليةٍ فإن التدليةَ والإدلاء إرسالُ الشيء من الأعلى إلى الأسفل { بِغُرُورٍ } بما غرّهما به من القسم ، فإنهما ظنا أن أحداً لا يُقسِم بالله كاذباً أو ملتبسين الغرور { فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتهمَا } أي فلما وجدا طعمَها آخِذَين في الأكل منها أخذْتهما العقوبةُ وشؤمُ المعصية فتهافت عنهما لباسُهما وظهرت لهما عوراتُهما ، واختلف في أن الشجرة كانت السنبلةَ أو الكرْمَ أو غيرَهما وأن اللباسَ كان نوراً{[260]} أو ظفراً { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ } طفِق من أفعال الشروعِ والتلبس كأخذ وجعل وأنشأ وعلِق وهَبْ وانبرى أي أخذا يَرْقعَان ويُلزِقان ورقةً فوق ورقة { عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة } قيل : كان ذلك ورقَ التينِ وقرئ يُخصِفان من أخصف أي يخصفان أنفسَهما ويُخَصِّفان من التخصيف ويخصفان أصله يختصفان . { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } مالكُ أمرِهما بطريق العتاب والتوبيخِ { أَلَمْ أَنْهَكُمَا } وهو تفسيرٌ للنداء فلا محل له من الإعراب أو معمولٌ لقول محذوفٍ أي وقال أو قائلاً : ألم أنهَكُما ؟ { عَن تِلْكُمَا الشجرة } ما في اسم الإشارةِ من معنى البُعد لما أنه إشارةٌ إلى الشجرة التي نُهي عن قُربانها { وَأَقُل لَكُمَا } عطفٌ على أنهَكما أي ألم أقل لكما : { إِنَّ الشيطان لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ } وهذا عتابٌ وتوبيخٌ على الاغترار بقول العدوِّ كما أن الأولَ عتابٌ على مخالفة النهي ، قيل : فيه دليلٌ على أن مطلقَ النهي للتحريم ، ولكما متعلقٌ بعدو لما فيه من معنى الفعل أو بمحذوف هو حالٌ من عدوٌّ ، ولم يُحك هذا القولُ هاهنا ، وقد حُكي في سورة طه بقوله تعالى : { إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ } [ طه ، الآية 117 ] . روي أنه تعالى قال لآدمَ : ألم يكنْ فيما منحتُك من شجر الجنة مندوحةٌ عن هذه الشجرة ؟ فقال : بلى ، وعزتك ولكن ما ظننتُ أن أحداً من خلقك يحلِفُ بك كاذباً ، قال : فبعزتي لأُهبِطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيشَ إلا كدّاً فأُهبط وعُلّم صنعةَ الحديد وأُمر بالحَرْثِ فحرَثَ وسقَى وحصَد وداس وذرَى وعجَن وخَبَز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.