أي : غرهما {[23214]} باليمين التي حلف لهما ، وكان آدم ، ( صلوات الله [ {[23215]}عليه ] ) {[23216]} ، يظن أنه لا يحلف أحد بالله كاذبا ، فغره ذلك {[23217]} .
قال ابن عباس : كانت الشجرة التي نهيا {[23218]} عن أكلها ، السنبلة ، فلما أكلا بدت {[23219]} سوآتهما {[23220]} ، أي : تقلص النور الذي كان يسترهما ، فصار أظفارا في الأيدي والأرجل ، وظهرت سوآتهما لهما {[23221]} ، فعمدا يلزقان {[23222]} ورق {[23223]} التين بعضهما {[23224]} إلى بعض ، فانطلق آدم موليا في الجنة ، فأخذت برأسه شجرة من الجنة {[23225]} ، فناداه الله : أي آدم أمني تفر ؟ فقال : لا ، ولكني {[23226]} استحييت منك يا رب ! فقال : أما {[23227]} كان لك فيما منحتك من الجنة مندوحة عما حرمت عليك ؟ قال : بلى يا رب ، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف {[23228]} بك كاذبا {[23229]} .
قال ابن جبير {[23230]} : حلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله {[23231]} .
ومعنى " وسوس " : زين وألقى ، وحسس المعصية حتى أكلا {[23232]} .
وقد تقدم ذكر دخول إبليس الجنة في فم الحية ، وكانت إذ ذاك دابة لها أربع قوائم ، كأنها البعير كاسية ، فأعراها الله ، وأزال قوائمها عقوبة لها {[23233]} .
و " اللام " في { ليبدي {[23234]} } : لام العاقبة {[23235]} ، بمنزلة : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } {[23236]} .
ولما حملها على الأكل تقدمت حواء للأكل {[23237]} ، وأبى آدم أن يأكل ، فأكلت حواء ، وقالت : يا آدم كل فإنه لم يضرني فأكل ، ف : { بدت لهما سوءاتهما {[23238]} وطفقا {[23239]} يخصفان عليهما من ورق الجنة } .
قال مجاهد : يعني : يرقعانه {[23240]} كهيئة الثوب {[23241]} .
ومعنى ( طفقا ) : جعلا {[23242]} .
وأتت الأخبار عن النبي عليه السلام : أن الله تعالى خلق آدم يوم الجمعة ، ويوم الجمعة خرج من الجنة ، وفيه تيب عليه ، وفيه قبضه {[23243]} .
وكان مقدار مكث آدم في الجنة خمس / ساعات {[23244]} .
وقال ابن عباس : كان مكث آدم نصف يوم من أيام الآخرة ، وخرج بين الصلاتين : الظهر والعصر {[23245]} .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أطيب أرض بالأرض ريحا {[23246]} الهند ، هبط بها آدم ، فعلق {[23247]} شجرها من ريح الجنة {[23248]} .
وقال ابن زيد {[23249]} : أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة {[23250]} ، فجاء في طلبها حتى أتى " جمعا " {[23251]} فازدلفت {[23252]} إليه حواء ، فلذلك سميت " المزدلفة " ، وتعارفا بعرفات ، فلذلك سميت " عرفات " ، واجتمعا بجمع ، فلذلك سميت {[23253]} " جمعا " .
وأهبطت الحية بأصبهان {[23254]} ، وإبليس بميسان {[23255]} .
وقيل بساحل بحر الأبُلَّة {[23256]} .
ولما أهبط آدم إلى الأرض ، أهبط على {[23257]} جبل يسمى : " بوذ " وكان {[23258]} أطول جبال الأرض ، فكان آدم عليه السلام ، رجلاه على الجبل ورأسه في السماء ، فكان يسمع تسبيح الملائكة ودعاءهم {[23259]} ، وكان ( آدم ) {[23260]} يأنس لذلك {[23261]} ، فهابته الملائكة ، فخفضه الله إلى الأرض إلى ستين ذراعا فاستوحش ، فشكا إلى الله في دعائه ، فوجه إلى مكة فأنزل الله ياقوتة من الجنة ، فكانت في موضع البيت فلم يزل يطاف بها {[23262]} حتى نزل الطوفان ، فرفعت حتى بعث الله إبراهيم ، فبناه .
وكان أصل الطيب {[23263]} عند جماعة من أهل التفسير : الورق {[23264]} الذي طفق آدم وحواء يخصفانه على أنفسهما نزلا به إلى الدنيا {[23265]} .
وقيل : إنه خرج ومعه صرة من حنطة .
وقيل : إن جبريل أتاه بها حين استطعم ، أتاه بسبع حبات فوضعها في يد آدم ، فقال آدم : وما هذا ؟ فقال له جبريل : هذا الذي أخرجك من الجنة ، فعلمه ما يصنع به {[23266]} .
قال سعيد بن جبير : أهبط إلى آدم ثور أحمر ، ( فكان ) {[23267]} يحرث عليه ، ويمسح العرق {[23268]} ، وهو قوله : { فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى } {[23269]} .
ومعنى { فدلهما بغرور } ، ( أي ) {[23270]} : خدعهما {[23271]} .
واللام في ( قوله ) {[23272]} : { ليبدي } هي مثل اللام {[23273]} في : { ليكون لهم عدوا وحزنا } ؛ لأن إبليس لم يعلم أنهما إن أكلا من الشجرة { [ بدت لهما {[23274]} ] سوءاتهما } إنما حملهما على ركوب المعصية لا غير . فكان عاقبة أمرهما {[23275]} لما أكلا {[23276]} ظهور سوءاتهما فجاز أن يقول : فوسوس لهما ليبدي لهما لما {[23277]} آل أمرهما إلى ظهور سواءتهما ، كان كأنه فعل ذلك بهما لتظهر سوءاتهما {[23278]} .