بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞أَجَعَلۡتُمۡ سِقَايَةَ ٱلۡحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَجَٰهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ لَا يَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (19)

قوله تعالى :

{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحاج وَعِمَارَةَ المسجد الحرام كَمَنْ ءامَنَ بالله واليوم الآخر وجاهد فِى سَبِيلِ الله } ، يعني : كإيمان من آمن بالله { وجاهد } . وقال القتبي : { أجعلتم سقاية الحاج } ، يعني : صاحب سقاية الحاج ، كمن آمن بالله ؟ ويقال : أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن بالله ؟ كما قال في آية أُخرى : { الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صوامع وَبِيَعٌ وصلوات ومساجد يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ } [ الحج : 40 ] والصلوات لا تهدم ؛ وإنما أراد به بيوت الصلوات ، كما قال { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ التى أَخْرَجَتْكَ أهلكناهم فَلاَ ناصر لَهُمْ } [ محمد : 13 ] ، يعني : أهل قريتك . كذلك هاهنا سقاية الحاج ، أراد به صاحب السقاية . قرأ بعضهم { سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام } يعني : جمع الساقي والعامر ، وهي قراءة شاذة ثم قال : { لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ الله } ، يعني : لا يستوون عند الله في الثواب والعمل عند الله . { والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } ، يعني : لا يرشد المشركين إلى الحجة ، ويقال : لا يكرمهم بالمعرفة ، ما لم يتركوا كفرهم . كما قال في آية أُخرى : { والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين } [ العنكبوت : 69 ] .