بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

قوله تعالى :

{ فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم } ؛ يقول : إذا مضى الأشهر التي جعلتها أجلهم ، { فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } في الحل والحرم ، يعني : المشركين الذين لا عهد لهم بعد ذلك الأجل . ويقال : إن هذه الآية { فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } نسخت سبعين آية في القرآن من الصلح والعهد والكف ، مثل قوله { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحق قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [ الأنعام : 66 ] وقوله : { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ } [ الغاشية : 22 ] ، وقوله : { أولئك الذين يَعْلَمُ الله مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فى أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } [ النساء : 63 ] ، وقوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] ؛ وما سوى ذلك من الآيات التي نحو هذا صارت كلها منسوخة بهذه الآية .

ثم قال : { وَخُذُوهُمْ } ، يعني : ائسروهم وشدوهم بالوثاق ، { واحصروهم } ؛ يعني : إن لم تظفروا بهم ، فاحصروهم في الحصن والحصان . قال الكلبي : يعني : واحبسوهم عن البيت الحرام أن يدخلوه ؛ وقال مقاتل : { واحصروهم } يعني : التمسوهم ، { واقعدوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } ، يعني : ارصدوا لهم بكل طريق ؛ وقال الأخفش : يعني : اقصدوا لهم على كل مرصد ، وكلمة «على » محذوفة من الكلام ، ومعناه واقعدوا لهم على كل طريق يأخذون .

{ فَإِن تَابُواْ } من الشرك { وأقاموا الصلاة } ، يعني : وأقرّوا بالصلاة . { وَآتوا الزكاة } ، يعني : وأقروا بالزكاة المفروضة . { فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } ، يعني : اتركوهم ولا تقتلوهم . { إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، يعني : { غفور } لما كان من الذنوب في الشرك ، { رحيم } بهم بعد الإسلام .