{ فإذا انسلخ } أي : انقضى وخرج { الأشهر الحرم } التي حرم الله تعالى عليهم فيها قتالهم ، وضربت أجلاً لسياحتهم والتعريف مثله في { فأرسلنا إلى فرعون رسولاً 15 فعصى فرعون الرسول } ( المزمل ، 15 –16 ) والمراد بكونها حرماً أنّ الله تعالى حرم القتل والقتال فيها . وقيل : هي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ، قال البيضاويّ : وهذا يخل بالنظم أي : نظم الآية إذ نظمها يقتضي توالي الأشهر المذكورة . { فاقتلوا المشركين } أي : الناكثين الذين ضربتم لهم هذا الأجل إحساناً وكرماً { حيث وجدتموهم } أي : في حل أو حرم أو في شهر حرام أو غيره . { وخذوهم } أي : بالأسر { واحصروهم } أي : بالحبس عن إتيان المسجد الحرام والتصرّف في بلاد الإسلام في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى الإسلام أو القتل { واقعدوا لهم } أي : لأجلهم خاصة ، فإن ذلك من أفضل العبادات { كل مرصد } أي : طريق يسلكونه لئلا ينبسطوا في البلاد . وانتصاب كل على الظرفية كقوله : { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } ( الأعراف ، 16 ) وقيل : بنزع الخافض ، قال الحسن بن الفضل : نسخت هذه الآية كل آية فيها ذكر الإعراض عن المشركين والصبر على أذى الأعداء . { فإن تابوا } أي : عن الكفر بالإيمان { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة } تصديقاً لتوبتهم وإيمانهم ، فوصلوا ما بينهم وبين الخالق وما بينهم وبين الخلائق . { فخلوا سبيلهم } أي : فدعوهم ولا تتعرّضوا لهم بشيء من ذلك ، وفي هذه الآية دليل على أن تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يخلى سبيله ؛ لأنه إن كان جاحداً لوجوبهما فهو مرتدّ وإلا قتل بترك الصلاة وأخذت منه الزكاة قهراً وقوتل على ذلك كما نقل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : لما توفي النبيّ صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر كفر من كفر من العرب ، قال عمر لأبي بكر رضي الله تعالى عنهما : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فمن قال : لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها وحسابه على الله ) فقال أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية : عقالاً كانوا يؤدّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعها ، قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت أنّ الله شرح صدر أبي بكر إلى القتال ، فعرفت أنه الحق . { إنّ الله غفور } أي : بليغ المحو للذنوب التي تاب صاحبها عنها { رحيم } به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.