{ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ } انتهى ومضى وقتها ، يقال : منه سلخت أشهر كذا نسلخه سلخا وسلوخاً بمعنى خرجنا . قال الشاعر :
إذا ماسلخت الشهر أهللت مثله *** كفى قاتلا سلخي الشهور وإهلالي
وفيه قيل : شاة مسلوخة المنزوعة من جلدها ، وحية سالخ إذا أخرجت من جلدها { الأَشْهُرُ الْحُرُمُ } وهي أربعة ، ثلاثة فرد ، وواحد زوجي وهي : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وواحد فرد وهو رجب .
وقال مجاهد وابن إسحاق وابن زيد وعمر بن شعيب : هي شهور العهد ، وقيل لها الحرم لأن الله حرّم فيها على المؤمنين دماء المشركين والتعرض لهم إلا سبيل الخير { فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } في الحلّ والحرم ، وجدتموهم فأسروهم { وَاحْصُرُوهُمْ } وامنعوهم دخول مكة والتصرف في بلاد الإسلام { وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } أي على كل طريق ومرقب ، يقال : رصدت فلاناً أرصده رصداً إذا رقبته . قال عامر بن الطفيل .
ولقد علمت وما إخالك ناسياً *** أن في المنيّة للفتى بالمرصد
{ فَإِن تَابُواْ } من الشرك { وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } يقول : دعوهم في أمصارهم ، ودعوهم يدخلوا مكة { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ . . . . . . . . . ] في حكم هذه الآية .
قال الحسين بن الفضل : فنسخت هذه الآية كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء ، وقال الضحاك والسدّي وعطاء : قوله : ( فاقتلوا المشركين ) منسوخة بقوله :
{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } [ محمد : 4 ] وقال قتادة : بل هي ناسخة لقوله :
{ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } [ محمد : 4 ] .
والصحيح أنّ حكم هذه الآية ثابت ، وأنها غير منسوخة إحداهما بصاحبتها لأنّ المنّ ، والقتل ، والفداء لم يزل من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم من أول حاربهم وهو يوم بدر ، ويدلّ عليه قوله تعالى : { وَخُذُوهُمْ } والأخذ هو الأسر ، والأسر إنّما يكون للقتل أو الفداء ، والدليل عليه أيضاً قول عطاء قال : " أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأسير يقال له أبو أُمامة وهو سيد اليمامة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا أُمامة أيّها أحب إليك : أعتقك أو أفاديك أو أقتلك أو تسلم ؟ " . فقال : أن تعتق تعتق عظيماً ، وأن تفادِ تفاد عظيماً ، وإنْ تقتل تقتل عظيماً ، وأما أن أسلم فلا والله لا أسلم أبداً .
قال فأني أعتقتك . فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسوله " .
وكانت مادّة ميرة مكة من قبل اليمامة فقال لأهل مكة : والذي لا إله إلا هو لاتأتيكم ميرة أبداً ، ولا حبّة من قبل اليمامة حتى تؤمنوا بالله ورسوله فأضرّ إلى أهل مكة فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أيّهم له حزب يشكون ذلك إليه ، فكتب إلى أبي أُمامة : " لاتقطع عنهم ميرة كانت من قبلك " ، ففعل ذلك أبو أمامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.