بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (1)

{ بَرَاءةٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ } ، أي تبرؤ من الله ورسوله إلى من كان له عهد من المشركين من ذلك العهد ؛ ويقال : { براءة } أي قطع من الله ورسوله إلى من كان له عهد من المشركين من ذلك العهد ؛ ويقال : معناه هذه الآية { براءة من الله ورسوله } ؛ ويقال : هذه السورة { بَرَاءةٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ } { إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين } . وقال ابن عباس : البراءء نقض العهد { إلى الذين عاهدتم من المشركين } ؛ يقول : من كان بينه وبين رسول الله عهد ، فقد نقضه ؛ وذلك أن المشركين نقضوا عهودهم قبل الأجل ، وأمر الله تعالى نبيه فيمن كان له عهد أربعة أشهر ، أن يقره إلى أن يمضي أربعة أشهر ، ومن كان عهده أكثر من ذلك أن يحطه إلى أربعة أشهر .

وروى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها ، فأراد الحج ، ثم قال : " إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة ، فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك " . فأرسل أبا بكر وعلياً ، فطافا في الناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يجتمعون بها ، فآذنوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر وهي الأشهر الحرام ، ثم لا عهد لهم ؛ فذلك قوله تعالى : { فَسِيحُواْ فِى الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } .