الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ إِذۡ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَن نَّدۡعُوَاْ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهٗاۖ لَّقَدۡ قُلۡنَآ إِذٗا شَطَطًا} (14)

وقوله سبحانه : { وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ } [ الكهف : 14 ] عبارة عن شدَّةِ عزمٍ ، وقوةِ صبرٍ ، ولما كان الفَزَعُ وخَوَرُ النفس يشبه بالتناسُب الانحلالَ ، حَسُنَ في شدَّة النفْس ، وقوَّة التصميمِ أنْ يُشْبِه الربْطُ ، ومِنْه يقالُ : فلانٌ رَابِطُ الجأشَ إِذا كان لا تَفْرَقُ نفسه عند الفَزَعَ والحروبِ وغيرها ، ومنْه الربْطُ على قَلْب أمِّ موسى .

وقوله تعالى : { إِذَ قَامُوا } يحتمل أنْ يكون وصف قيامهم بين يَدَيِ الملك الكافِرِ ، فإِنَّه مَقَامٌ يحتاج إلى الربْطِ على القَلْب ، ويحتمل أن يعبر بالقيام على انبعاثهم بالعَزْمِ على الهُرُوب إلى اللَّه ومنابذة النَّاس كما تقول : قَامَ فُلاَنٌ إِلى أمْرِ كذا إذا اعتزم عليه بغايةِ الجِدِّ ، وبهذه الألفاظ التي هي : { قَامُوا فَقَالُوا } ، تعلَّقتِ الصوفيَّة في القيامِ والقَوْل ، «والشَّطَط » : الجَوْر وتعدِّي الحدِّ والحقِّ بِحَسَبِ أَمْرٍ أَمْرٍ