فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ إِذۡ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَن نَّدۡعُوَاْ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهٗاۖ لَّقَدۡ قُلۡنَآ إِذٗا شَطَطًا} (14)

{ وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ } أي : قويناها بالصبر على هجر الأهل والأوطان ، وفراق الخلان والأخدان { إِذْ قَامُوا } الظرف منصوب بربطنا . واختلف أهل التفسير في هذا القيام على أقوال فقيل : إنهم اجتمعوا وراء المدينة من غير ميعاد ، فقال رجل منهم هو أكبر القوم : إني لأجد في نفسي شيئاً ، إن ربي ربّ السماوات والأرض ، فقالوا : ونحن أيضاً كذلك نجد في أنفسنا ، فقاموا جميعاً { فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ * السماوات والأرض } قاله مجاهد . وقال أكثر المفسرين : إنه كان لهم ملك جبار يقال له : دقيانوس ، وكان يدعو الناس إلى عبادة الطواغيت ، فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم حتى قاموا بين يديه { فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ * السماوات والأرض } وقال عطاء ومقاتل : إنهم قالوا ذلك عند قيامهم من النوم { لَن نَدْعُوا مِن دُونِهِ إلها } أي : لن نعبد معبوداً آخر غير الله لا اشتراكاً ولا استقلالاً { لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } أي : قولاً ذا شطط ، أو قولاً هو نفس الشطط لقصد المبالغة بالوصف بالمصدر ، واللام هي : الموطئة للقسم ، والشطط : الغلو ومجاوزة الحد . قال أعشى بن قيس :

أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط *** كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل

/خ16