فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (280)

و إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون 280 واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 281

( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) لما حكم سبحانه لأهل الربا برؤوس أموالهم عند الواجدين للمال حكم في ذوي العسرة بالنظرة إلى يسار ، والعسرة ضيق الحال من جهة عدم المال ومنه جيش العسرة ، والنظِرة التأخير ، والميسرة مصدر بمعنى اليسر ، وارتفع ذو بكان التامة التي بمعنى وجد ، وهذا قول سيبويه وأبي علي الفارسي وغيرهما وفي مصحف أبي وان كان ذا عسرة على معنى وإن كان المطلوب ذا عسرة .

و قرأ الأعمش ( وان كان معسرا ) قال النحاس ومكي والنقاش : وعلى هذا يختص لفظ الآية بأهل الربا ، وعلى من قرأ ذو فهي عامة في جميع من عليه دين وإليه ذهب الجمهور .

وقد وردت أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما في الترغيب لمن له دين على معسر أن يُنْظِره ، وفي ثواب إنظار المعسر والوضع عنه وتشديد أمر الدين والأمر بقضائه ، وهي معروفة يطول ذكرها ، والميسرة في اللغة اليسار والسعة .

( وأن تصدقوا خير لكم ) أي على معسري غرمائكم بالإبراء من كل الدين أو بعضه ، وفيه الترغيب لهم بأن يتصدقوا برؤوس أموالهم على من أعسر وجعل ذلك خيرا من إنظاره ، قاله السدى وابن زيد والضحاك .

قال الطبري وقال آخرون :معنى الآية وأن تصدقوا على الغني والفقير خير لكم ، والصحيح الأول ، وليس في الآية مدخل للغني ( إن كنتم تعلمون ) جوابه محذوف أي إن كنتم تعلمون أنه خير لكم عملتم به ، وفي الحديث : " من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " {[289]} رواه مسلم .


[289]:مسلم 3006.